فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِ المُوسِرِ ؛ فقَبَضَ المُوسِرُ ثِيَابَهُ مِنْ تَحْتِ فَخِذَيْهِ ؛ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله) : أَخِفْتَ أَنْ يَمَسَّكَ مِنْ فَقْرِهِ شيءٌ؟! قَالَ : لا ، قَالَ (صلى الله عليه وآله) : فَخِفْتَ أَنْ يُوسِّخَ ثِيابَكَ؟ قَالَ : لاَ ، قَالَ (صلى الله عليه وآله) : فَمَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ لِي قَرِيناً يُزيِّنُ لِي كُلَّ قَبِيح ، وَيُقَبِّحُ لِي كُلَّ حَسَن ، وَقَدْ جَعَلْتُ لَهُ نِصْفَ مَالِي ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله) لِلْمُعْسِرِ : أَتَقْبَلُ ذلك؟ قَالَ : لاَ ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ : وَلِمَ؟ قَالَ : أَخَافُ أَنْ يَدْخُلَنِي مَا دَخَلَكَ)(١) ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فِي الأَخْبَارِ النَّاطِقَةِ بِأَنَّ غَالِبَ مَنِ انْتَسَبَ إِلىَّ وَوُصِفَ بِاسْمِي وَتَحلَّى بِحِلْيَتِي هُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ ، بَلْ تَأَمَّلْ بِمَا رُوِيَ عَنْ أَمِيرِ المُؤْمِنينَ عليهالسلام (إنَّهُ قَالَ لَهُ رَجُلٌ : يَا مَوْلاَيَ إِنِّي أُحِبُّكَ ؛ فَمَكَثَ هُنيئَةً مُطْرِقاً بِرَأْسِهِ ؛ ثُمَّ رَفَعَهُ ؛ وَقَالَ لَهُ صَدَقْتَ ، وَلَكِنْ اتِّخِذْ للفَقْرِ جِلْبَاباً(٢) ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لِمُصّاصِ(٣) شَيعَتِنَا فِي دَوْلَةِ البَاطِلِ إلاّ القُوتُ ؛ شَرِّقُوا إِنْ شِئْتُمْ أَوْ غَرِّبُوا لَنْ تُرْزَقُوا إلاّ القُوتَ)(٤) ، تَرَى أَنَّ المَخْصُوصَ بِي هُوَ مِنْ شِيعَةِ أَمِيرِ المُؤْمِنينَ عليهالسلام ، وَمُحِبِّيهِ وَخَاصَّتِهِ ، وَكَفانِي وَكَفاهُمْ بِهَذَا عِزّاً ، وَفَخْراً ، وَشَرْفاً ، ورِفْعَةً ؛ فَلَيْسَ هُمْ كَأَصْحَابِكَ ، وَمُلازِمِيكَ الطُّغَاتِ البُغَاةِ ، الجُفَاةِ الذِينَ أَكْثُرُهُمْ أَهْلُ النَّارِ بِحُكْمِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الرُّوَايَاتِ والأَخْبَارِ.
__________________
(١) الكافي ٢/٢٦٢.
(٢) فبصائر الدرجات : ٤١٠ عن تصر ، وفي معاني الأخبار : ١٨٢ (أ عددت لفاقتك جلباباً يعني يوم القيامة).
(٣) في الوافي للفيض ٥/٧٨٥ (المصّاص خالص كلّ شيء).
(٤) الكافي ٢/٢٦١.