الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً)(١) ، وَقَالَ سُبْحَانَهُ أَيْضاً مُخَاطِباً نَبيَّهَ (صلى الله عليه وآله) فِي شَأْنِهِمْ : (وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيء فَتَطْرُدَهُمْ)(٢) ؛ فَقَدْ رَوَى القُمِّيُّ ، قَالَ : (كَانَ سَبَبُ نُزُولِهَا أنَّهُ كَانَ بِالمَدِينَةِ قَومٌ فُقَرَاءُ مؤْمِنُونَ يُسمَّوْنَ أَصْحابَ الصُّفَّةِ ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله) أَمَرَهُمْ أَنْ يَكُونُوا فِي صُفَّة يَأْوونَ إِليهَا ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله) يَتَعَاهَدُهُمْ بِنَفْسِهِ ، وَرُبَّمَا يَحْمِلُ إِلَيهِمْ مَا يَأْكُلُونَ ، وَكَانُوا يَخْتَلِفُونَ إِلَى رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) ، فَيُقَرِّبُهُمْ ، وَيَقْعُدُ مَعَهُمْ ، وَيُؤْنِسُهُمْ ، وَكَانَ إِذَا جاَءَ الأَغْنِيَاءُ وَالْمُتْرَفُونَ مِنْ أَصْحَابِهِ يُنْكِرُونَ عَلَيْهِ ذَلِكَ ، وَيَقُولُونَ : اطْرُدْهُمْ عَنْكَ ؛ فَجَاءَ يَوماً رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله)مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ قَدْ لَزِقَ بَرسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) ، وَرَسُولُ اللهِ يُحَدِّثُهُ ؛ فَقَعَدَ الأَنْصَارِيُّ بِالبُعْدِ مِنْهُمَا ؛ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله) : تَقَدَّمْ ، فَلَمْ يَفْعَلْ ؛ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله) : لَعَلَّكَ خِفْتَ أَنْ يُلْزِقَ فَقْرَهُ بِكَ؟! فَقالَ الأَنْصارىُّ : اطْرُدْ هَؤلاءِ عَنْكَ ؛ فَأَنْزَلَ اللهُ : (وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ)(٣) ، وَقَالَ عليهالسلام : (جَاءَ رَجُلٌ مُوسِرٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) نَقِيَّ الثَّوبِ ؛ فَجَلَسَ إِلَى رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) ؛ فَجَاءَ رَجُلٌ مُعْسِرٌ ، دَرِنُ الثَّوْبِ ؛
__________________
(١) البقرة : ٢٧٣.
(٢) الأنعام : ٥٢.
(٣) تفسير القمّي ١/٢٠٢.