إِلَيهِ غَمَامَةً ؛ فَقَالَ : يَا أَيُّوبُ أَدْلِني بِحُجَّتِكِ فَقَدْ أَقَعَدْتُكَ مَقْعَدَ الْحُكْمِ ، وَهَا أَنَا ذَا قَرِيبٌ وَلَمْ أَزَلْ ؛ فَقَالَ : يَا رَبِّ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِضْ لِي أَمْرَانِ قَطُّ ، كِلاهُمَا لَكَ طَاعَةٌ إلاّ أَخَذْتُ بِأَشَدِّهِمَا عَلَى نَفْسِي ، أَلَمْ أَحْمَدْكَ؟ أَلَمْ أَشْكُرْكَ؟ أَلَنْ أُسَبِّحَكَ؟ قَالَ : فَنُودِيَ مِنَ الْغَمَامَةِ بِعَشْرَةِ آلافِ لِسَان : يَا أَيُّوبُ مَنْ صَيَّرَكَ تَعْبُدُ اللهَ وَالنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ؟ وَتَحْمَدُهُ وَتُسَبِّحُهُ وتُكَبِّرُهُ وَالنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ؟ أَتَمُنُّ عَلَى اللهِ بِمَا للهِ الْمَنُّ فِيهِ عَلَيكَ؟ ، قَالَ : فَأَخَذَ أَيُّوبُ التُّرابَ ؛ فَوَضَعَهُ فِي فِيهِ ؛ ثُمَّ قَالَ : لَكَ العُتْبَى يَا رَبِّ أَنْتَ الذِي فَعَلْتَ ذَلِكَ بِي ، قَالَ : فَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيهِ مَلَكاً فَرَكَضَ بِرِجْلِهِ ؛ فَخَرَجَ المَاءُ فَغَسَلَهُ بِذَلِكَ المَاءُ ، فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ وَأَطْرَأَ ، وَأَنْبَتَ اللهُ عَلَيهِ رَوْضَةً خضْرَاءَ ، وَرَدَّ عَلَيهِ أَهْلَهُ وَمَالَهُ وَوِلْدَهُ وَزَرْعَهُ ، وَقَعَدَ مَعَهُ المَلَكُ يُحَدِّثُهُ وَيُؤْنِسُهُ ؛ فَأَقْبَلَتْ امْرَأَتُهُ وَمَعَهَا الْكَسْرُ(١) ؛ فَلَمَّا انْتَهَتْ إِلَى الْمَوْضِعِ إِذَا الْمَوْضِعُ مُتَغيِّرٌ ، وَإِذَا رَجُلانِ جَالِسَانِ ؛ فَبَكَتْ وَصَاحَتْ ، يَا أَيُّوبُ مَا دَهَاكَ؟ فَنَادَاهَا أَيُّوبُ ؛ فَأَقْبَلَتْ فَلَمَّا رَأَتْهُ وَقَدْ رَدَّ اللهُ عَلَيهِ بَدَنَهُ وَنِعْمَتَهُ سَجَدَتْ للهِ شُكْراً ؛ فَرَأَى ذَوَائِبَهَا مَقْطُوعَةً ، وَذَلِكَ أَنَّها سَأَلَتْ قَوْماً أَنْ يُعْطُوهَا مَا تَحْمِلُهُ إِلَى أَيُّوبَ مِنَ الطَّعَامِ ، وَكَانَتْ حَسَنَةَ الذُّؤَابَةِ ؛ فَقَالُوا لَهَا : تَبِيعِينَا ذُؤَابَتَكِ هَذِهِ حَتَّى نُعْطِيَكِ ، فَقَطَعَتْهَا وَدَفَعَتْهَا إِلَيهِمْ ، وَأَخَذَتْ مِنْهُمْ طَعَاماً لأَيُّوبَ ، فَلَمَّا رَآهَا مَقْطُوعَةَ الشَّعْرِ
__________________
(١) كسرات الخبز.