« كنا حول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نؤلف القرآن من الرقاع » . ودلالة التأليف ، تعني الجمع والتدوين
، وضم شيء إلى شيء ، ليصح أن يطلق عليه اسم التأليف.
ولا دليل على ادعاء الزركشي : بأن بعض
القرآن جمع بحضرة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
. فلم لا
يكون كل القرآن جمع في حضرة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
علما بأنه قد سبقه من صرح بجمع القرآن كله لا بعضه في عهد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بما نصه : « أنه لم يكن يجمع القرآن
كله إلا نفر يسير من أصحاب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم
» .
ولا ريب ـ بعد هذا كله ـ أن هناك بعض
المصاحف المتداولة عند بعض الصحابة في عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
، والأخبار مجمعة على صحة وجودها ، وعلى تعدد مصاحف الصحابة أيضا ، إذ لو لم يكن
هناك جمع بالمعنى المتبادر إليه ، لما كانت تلك المصاحف أصلاً ، إن وجودها نفسه هو
دليل الجمع ، إذ لم يصدر منع من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
عن جمعه ، بل هناك رواية عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم
تقول : « لا تكتبوا عني شيئاً سوى القرآن ، فمن كتب عني غير القرآن فليمحه » .
وجمع هؤلاء الصحابة للقرآن هو الجمع
الذي نقول به ، لا الحفظ ، وإلا فما معنى تسميتها بالمصاحف ؟ وما معنى اختلاف هذه
المصاحف فيما تدعي الروايات.
لقد أورد ابن أبي داود قائمة طويلة
بأسماء مصاحف الصحابة ، وعقب عليها بما فيها من الاختلاف ، هذا الاختلاف الذي قد
يعود في نظرنا إلى التأويل لا إلى التنزيل ، أو إلى عدم الضبط في أسوأ الاحتمالات
، وقد عقد لذلك بابا سماه « باب اختلاف مصاحف الصحابة » .
__________________