وقد انقدح بما ذكرناه ، أنه لا مجال أصلا لتفسير الكراهة في العبادة بأقليّة الثواب في القسم الأول مطلقا ، وفي هذا القسم على القول بالجواز ، كما انقدح حال اجتماع الوجوب والاستحباب فيها ، وأن الأمر الاستحبابي يكون على نحو الإرشاد إلى أفضل الأفراد مطلقا على نحو الحقيقة ، ومولويا اقتضائيا كذلك ، وفعليا بالعرض والمجاز فيما كان ملاكه ملازمتها لما هو مستحب ، أو متحدا معه على القول بالجواز.
ولا يخفى أنه لا يكاد يأتي القسم الأول هاهنا ، فإن انطباق عنوان راجح على الفعل الواجب الذي لا بدل له إنما يؤكد إيجابه ، لا أنه يوجب استحبابه أصلا ، ولو بالعرض والمجاز ، إلّا على القول بالجواز ، وكذا فيما إذا لازم مثل هذا العنوان ، فإنه لو لم يؤكد الإيجاب لما يصحح الاستحباب إلّا اقتضائيا بالعرض والمجاز ، فتفطن.
______________________________________________________
وبتعبير آخر يكون النهي عن العبادة في هذا القسم في موارد التركيب الاتحادي وتقديم جانب الأمر ، نظير النهي عن العبادة في القسم الثاني في كونه إرشادا إلى أقليّة الثواب لا نهيا تكليفيا كاشفا عن الحزازة في متعلّقه ، فإنّ هذا النهي غير ممكن أن يجتمع مع صحة العبادة ، وبالجملة الالتزام بامتناع اجتماع الأمر والنهي في موارد التركيب الاتّحادي يوجب رفع اليد عن النهي التنزيهي في المجمع فيكون المجمع فردا من متعلّق الأمر فعلا وحيث إنّ ملاك النهي المغلوب في المجمع يوجب نقصانا في ملاك الواجب فيكون الفرد المزبور أقل ثوابا بالإضافة إلى سائر أفراده ، وفي الحقيقة الاتحاد مع العنوان المكروه المغلوب في ملاك كراهته الموجب لسقوط الكراهة من أفراد الطبيعي الواجب وعليه يلزم النقص في ملاك الواجب وقلّة ثوابه كما تقدّم في القسم الثاني.
لا يقال : ذكر الماتن قدسسره في هذا القسم أنّ تعلّق النهي التكليفي بالمجمع لانطباق العنوان المكروه عليه بالعرض والمجاز مع أنّه ذكر في القسم الأوّل انّ تعلّق النهي