.................................................................................................
______________________________________________________
إنشاء الله تعالى ، وحاصله عدم امكان الانبعاث والانزجار معها ، ثم ذكر بعده عدم تعلّق الإرادة والكراهة بالحركات الخارجية ، فإنّ كلا من الشوق والكراهة عرض قائم بالنفس ومتعلّقهما مشخص لفردهما لا أنّه مقوم لطبيعتهما فانّ الشوق أو الكراهة لا يوجدان مطلقا في النفس بل يتشخصان بالمتعلّق ، ويستحيل أن يكون ما هو خارج عن النفس مشخصا لما في النفس وإلّا لزم أن تكون الحركات الخارجية الأينية أو الوضعية القائمة بالجسم نفسانية خصوصا في الإرادة التشريعية ، بأن تكون الحركات الخارجية القائمة بالمكلّف مشخصة لإرادة المولى مضافا إلى ما تقدّم من تحقّق البعث والزجر ومبدئهما وإن لم يوجد الفعل أصلا فكيف يتشخص ارادة المولى بما لا يتحقق أصلا ، وحيث إنّ الشوق لا يتعلّق إلّا بالحاصل من وجه والمفقود من وجه ، إذ الحاصل من جميع الجهات لا جهة فقدان فيه كي تشتاق إليه النفس ، والمفقود من جميع الجهات لا ثبوت له كي يتعلق به الشوق ، فيكون متعلّق الشوق كمتعلق الكراهة ، الطبيعي المفروض بوجوده العنواني والنفساني ، ولبساطته يكون شوق متشخص بمتعلّقه وكراهة متشخصة بمتعلقها ، وإذا لم تكن الإرادة أو الكراهة عرضا للمتعلّق فلا مورد لاجتماع الضدين أو المثلين فيهما (١).
أقول : البعث والزجر وإن كانا أمرين اعتباريين ويقوم الاعتبار بالمعتبر عند إنشائه وأنّ المضاف إليه في البعث والزجر هو الفعل بعنوانه المعبّر عنه بالمتعلّق ، إلّا أنّ المبعوث إليه من الفعل الملحوظ بعنوانه هي الجهة المفقودة عند البعث وإلّا لم يتعلق به البعث ويعبّر عنه بالإيجاد خارجا ، كما أنّ في موارد الزجر وإن كان يتعلّق
__________________
(١) نهاية الدراية ٢ / ٣٠٨.