كما قرّر في الأصول(١).
وقد أوردنا في هذه الرسالة من الأخبار المصرّحة بالقصر في بريد وأربعة فراسخ ستّة عشر ، بل الأحاديث المتضمّنة لهذا الحكم والأحاديث المتضمّنة للثمانية الفراسخ ثلاثة عشر ، ورُدَّ حديثان باعتبار اثني عشر فرسخاً وحديث باعتبار ستّة عشر فرسخاً ، والأحاديث الثلاثة محمولة على التقية(٢).
وهذه الأخبار وإن كانت بصورة الآحاد فإنّ معناها متواتر ويحصل بها العلم القطعي ، وقد تبيّن بما قرّرناه أنّه ليس بين الأخبار تعارض وأنّهم عليهم السلام بيّنوا أنّ للمسافر حالتين وصرّحوا بتقدير أدنى ما يقصر فيه في الحالتين في خبر واحد حيث قال أبو الحسن عليه السلام : (التقصير في
__________________
(١) ما ذكره من أنّ الأمر يدلّ على الوجوب هو مشهور الأصوليّين خصوصاً المتقدّمين منهم ، فقد التزموا بأنّ صيغة افعل وما في معناها وضعت لإنشاء مفهوم الطلب ـ كإنشاء مفهوم البيع والصلح بصيغة بعت وصالحت ـ أو لإنشاء الوجوب ، ولكن التزم بعض المتأخّرين كالميرزا النائيني وبعض تلامذته بأنّ صيغة افعل وما في معناها آلة لإيجاد مصداق النسبة فهيئة افعل آلة لإيجاد مصداق النسبة الطلبية دون سائر النسب ، فالوجوب منتزع بنظره عن حكم العقل بقضاء العبودية بلزوم مطابقة التكوين من العبد للتشريع من قبل المولى ، وهناك أقوال أخر متعدّدة.
(٢) مراده الحديثان اللذان مفادهما ١٢ فرسخاً ، والحديث الذي مفاده ١٦ فرسخاً ، حيث إنّها موافقة للعامّة ، كما أنّه لا يوجد قائل بها من الخاصّة ، وقد حملها على التقية الشيخ الطوسي في التهذيب ، وكذلك ذكر هذا الشيخ الحرّ العاملي حفيد المؤلّف في وسائل الشيعة.