ومنها : رواية زرارة ومحمّد بن مسلم(١) عن أبي جعفر عليه السلام قال : (وقد سافر رسول الله صلّى الله عليه وآله إلى ذي خشب وهي مسيرة يوم من المدينة يكون إليها بريدان أربعة وعشرون ميلاً فقصّر وأفطر).
فهذه الأخبار إنّما تضمّنت تقدير الذهاب فدلَّت على أنّه سفر بانفراده.
لأنّا نقول : إنّما تضمّنت هذه الأخبار القصر في بريدين ثمانية فراسخ وذلك أعمّ من أن تكون قد حصلت في حالة الذهاب أو تلفّقت من الذهاب والإياب ، وقد قال الصادق عليه السلام : (وإنما فعل ذلك لأنه إذا رجع كان سفره بريدين ثمانية فراسخ)(٢) ، نعم الحديث الأخير إنّما تضمّن تقدير الذهاب لا غير.
ثمّ نقول : كما صرّحت الأخبار بالقصر في بريدين وثمانية فراسخ كذلك صرّحت الأخبار الصحيحة الكثيرة بالقصر في بريد وأربعة فراسخ ، وكما صرّح الخبر بأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قصَّر في سفره إلى ذي خشب وهي على بريدين كذلك صرّح الخبر الصحيح بأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قصَّر في سفره إلى ذباب ، وذباب على بريد ، وإنّما فعل ذلك لأنَّه إذا رجع كان سفره بريدين ثمانية فراسخ.
__________________
(١) الفقيه : ١ / ٢٧٩ وعنه الوسائل : حديث ٤ وهو حديث طويل هذا مقطع منه ، وفي آخره فصارت سنة.
(٢) سبق أن خرَّجنا هذا الحديث في أوّل الرسالة وذكرنا أنّ صاحب الوسائل قسّم ما رواه في الفقيه إلى حديثين في الباب الثاني من أبواب صلاة المسافر برقم ١٤ ـ ١٥.