ثانياً : التواجد الإمامي في بلاد الحرمين
تعدّ (المدينة المنوّرة) في العصر الإسلامي الأوّل بمثابة المدرسة الأولى للمسلمين ، فقد ظهرت أولى ملامح الحياة العلمية للمسلمين في هذه المدينة التي انطلقت منها المسيرة المظفّرة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وفي عصر الصحابة والتابعين لهم بإحسان تكاملت مع ظهور المجتمع الإسلامي في (المدينة) ، واستمرّت إلى حياة الإمام الصادق عليهالسلام ، «وكانت المدينة المنوّرة الوطن الأوّل لفقهاء الشيعة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ، فكان من فقهاء الصحابة بعد الإمام أمير المؤمنين والزهراء والحسنين عليهمالسلام : ابن عبّاس حبر الأمّة وفقيهها ، وسلمان الفارسي ، وأبو ذر الغفاري ، وأبو رافع إبراهيم مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله)»(١).
ومن التابعين تولّى جمع كثير من شيعة أمير المؤمنين عليهالسلام حفظ السنّة النبوية وتداولوها فيما بينهم ، ونقلوها إلى الأجيال التي تليهم بأمانة ، حتّى قال الذهبي في ميزان الاعتدال : «فهذا ـ أي التشيّع ـ كثر في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق ، فلو ردّ حديث هؤلاء ـ أي الشيعة ـ لذهبت جملة الآثار النبوية»(٢).
وكان أمير المؤمنين عليهالسلام أوّل من صنّف في الفقه ، ودوّن الحديث
__________________
(١) مقدّمة الشيخ محمّد مهدي الآصفي لكتاب (رياض المسائل) ١/١١.
(٢) ميزان الاعتدال ١/٥.