قال أبو المنذر هشام بن محمّد(١) : «إنَّ مدينة بابل كانت اثني عشر فرسخاً في مثل ذلك ، وكان بابها ممّا يلي الكوفة ، وكان الفرات يجري ببابل حتّى صرفه بخت نصّر إلى موضعه الآن مخافة أن يُهدم عليه سور المدينة ؛ لأنَّه كان يجري معه ، قال : ومدينة بابل بناها بيوراسب الجبّار ، واشتقّ اسمها من اسم المشتري ؛ لأنَّ بابل باللّسان البابلي الأوَّل اسمٌ للمشتري ، ولمّا استتمّ بناؤها جمع إليها كلُّ من قدر عليه من العلماء ، وبنى لهم اثني عشر قصراً على عدد البروج ، وسمّاها بأسمائهم ، فلم تزل عامرة حتّى كان الإسكندر ، وهو الذي خرَّبها»؟
وحدَّثَ أبو بكر أحمد بن مروان المالكي الدينوري(٢) في كتاب المجالسة من تصنيفه : «حدَّثنا إسماعيل بن يونس ومحمّد بن مهران ، قالا : حدَّثنا عمرو بن ناجية ، حدَّثنا نعيم بن سالم بن قنبر ــ مولى علي ابن أبي
__________________
(١) أبو المنذر ، هشام بن محمّد بن السائب الكلبي الكوفي (ت ٢٠٤ هـ) ، النسّابة ، عالم بالنسب وأخبار العرب وأيّامها ومثالبها ووقائعها ، أخذ عن أبيه وعن جماعة من الرواة له ما يزيد على مائة وخمسين مصنّفاً ، أشهرها : كتاب (جمهرة النسب) ، قال عنه ياقوت : «ولله درّه ما تنازع العلماء في شيء من أمور العرب إلاّ وكان قوله أقوى حجّةً ، وهو مع ذلك مظلوم وبالقوارص مكلوم».
يُنظر : فهرست ابن النديم ص ١٠٨ ، معجم البلدان : ٢ / ١٨٨ ، تراثنا : ٥ / ٢٩.
(٢) أبو بكر ، أحمد بن مروان الدينوري (ت ٣٣٣هـ) ، الفقيه العلاّمة المحدِّث ، قاض من رجال الحديث ، كان على قضاء (القلزم) ثمِّ ولي قضاء (أسوان) بمصر عدّة سنين ، وتوفّي بالقاهرة ، له : (المجالسة وجواهر العلم) ، و (الردّ على الشافعي) ، و (مناقب مالك).
يُنظر : سير أعلام النبلاء : ١٥ / ٤٢٧ ، الأعلام للزركلي : ١ / ٢٥٦.