بها المدائن ، واتّصلت مساكنهم بدجلة والفرات ، إلى أن بلغوا من دجلة إلى أسفل (كسكر)(١) ، ومن الفرات إلى ما وراء (الكوفة) ، وموضعهم هو الذي يُقال له : (السواد) ، وكانت ملوكهم تنزل (بابل) ، وكان الكلدانيّون جنودهم ، فلم تزل مملكتهم قائمةً إلى أن قُتل (دارا) آخر ملوكهم ، ثمّ قُتل منهم خلق كثير فذلّوا وانقطع ملكهم»؟
وقال يزدجرد بن مهبندار(٢) : «تقول العجم : إنّ الضحّاك الملك الذي كان له ـ بزعمهم ـ ثلاثة أفواه وستّ أعين بنى مدينة بابل العظيمة ، وكان ملكه ألف سنة إلاّ يوماً واحداً ونصفاً ، وهو الذي أسّره أفريدون الملك وصيّره في (جبل دنباوند) ، واليوم الذي أسّره فيه يعدّه المجوس عيداً ، وهو المهرجان ، قال : فأمّا الملوك الأوائل ـ أعني ملوك النبط ـ وفرعون إبراهيم عليهالسلام فإنّهم كانوا نزلا ببابل ، وكذلك بخت نصّر ، الذي يزعم أهل السير أنّه ممّن ملك الأرض بأسرها ، انصرف بعدما أحدث ببني إسرائيل ما أحدث إلى بابل فسكنها»؟
__________________
(١) كسكر : ناحية بين واسط والبصرة ، معناه (عامل الزرع) و (أرض الشعير) ، وهي نيّف وثلاثون فرسخاً.
يُنظر : آثار البلاد وأخبار العباد :١ / ٤٤٦. معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع : ٤ / ١١٢٨ ، معجم البلدان : ٤ / ٤٦١.
(٢) أبو سهل ، يزدجرد بن مهبندار ـ وقيل : مهبندان ، ومهبنذاذ ـ : الكسروي من كتّاب المعتضد العبّاسي ، قدم بغداد ونشأ بها وحصل بها العلم والأدب ، توفّي في حدود سنة (٢٩٠هـ) ، له من المؤلّفات : (فضائل بغداد وأخبارها) ، وكتاب (الدلائل على التوحيد من كلام الفلاسفة) ، وغيرهما.
يُنظر : فهرست ابن النديم : ١٤٣ ، الوافي بالوفيات : ٢٨/٦ ، هديّة العارفين : ٢ / ٥٣٥.