طالب عليهالسلام عن أنس بن مالك ، قال : لمّا حشر الله الخلائق إلى بابل ، بعث إليهم ريحاً شرقية وغربية وقبلية وبحريّة ، فجمعهم إلى بابل ، فاجتمعوا يومئذ ينظرون لما حُشِروا له ، إذ نادى مناد : (من جعل المغرب عن يمينه والمشرق عن يساره فاقتصد البيت الحرام بوجهه فله كلام أهل السماء).
فقام يعرب ابن قحطان ، فقيل له : يا يعرب ابن قحطان بن هود أنت هو ، فكان أوّل من تكلّم بالعربية ، ولم يزل المنادي ينادي : من فعل كذا وكذا فله كذا وكذا ، حتّى افترقوا على اثنين وسبعين لساناً ، وانقطع الصوت وتبلبلت الألسن ، فسميَّت (بابل) ، وكان اللسان يومئذ بابليّاً ، وهبطت ملائكة الخير والشرّ وملائكة الحياء والإيمان ، وملائكة الصحّة والشقاء ، وملائكة الغنى ، وملائكة الشرف ، وملائكة المروءة ، وملائكة الجفاء ، وملائكة الجهل ، وملائكة السيف ، وملائكة البأس ، حتّى انتهوا إلى العراق ، فقال بعضهم لبعض : افترقوا.
فقال ملك الإيمان : أنا أسكن المدينة ومكّة ، فقال ملك الحياء : وأنا معك ، فاجتمعت الأمّة على أنَّ الإيمان والحياء ببلد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم.
وقال ملك الشقاء : أنا أسكن البادية ، فقال ملك الصحّة : وأنا معك ، فاجتمعت الأمّة على أنَّ الشقاء والصحّة في الأعراب.
وقال ملك الجفاء : أنا أسكن المغرب ، فقال ملك الجهل : وأنا معك ، فاجتمعت الأمّة على أنَّ الجفاء والجهل في البربر.