الموافق للاصل ايضا يكون مخصّصا للعمومات الاجتهادية الدالة على الالزام وجوبا او تحريما على التقرير الّذى سلف فاذا ورد فى السّنة مثلا وجوب اكرام كلّ عالم دائما وورد فيها ايضا عدم وجوب اكرام زيد العالم فى يوم السّبت مثلا بحيث يكون الزمان ظرفا فلا شكّ فى جريان استصحاب عدم وجوب اكرامه يوم الاحد مثلا إذا شكّ فيه فيكون المخصّص للعموم الاجتهادى المزبور فى الحقيقة هو قوله لا يجب اكرام زيد العالم فى يوم السّبت والاستصحاب ليس مخصّصا فى الحقيقة بل هو موجب لاجراء حكم المخصّص فى يوم الاحد فى مرحلة الظّاهر عند الشكّ وايضا قوله ولذا ترى الفقهاء يستدلّون على الشغل والنجاسة والتّحريم الى آخر ما ذكره قرنية على ذلك ايضا لانه خصص كلامه هذا بالتمسّك باستصحاب التكليف فى مقابل اصل البراءة والحلّية والطّهارة وهى من الاصول العمليّة قلت هذا لا يكون قرنية على ما ذكر اصلا اذ يمكن كونه دليلا على الفقرة الاولى فقط وهو كون الاستصحاب المخالف للاصل النافى رافعا لحكمه لا لكلتا الفقرتين مع ان ما دلّ على طهارة الاشياء وحلّيتها لا ينحصر فى الاصول الفقاهيّة فقد ورد ايضا العمومات الاجتهادية فى ذلك مثل قوله تعالى (أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) وقوله تعالى (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ) اه (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ) وقوله ص جعلت لى الارض مسجدا وقوله تعالى (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً)(١) اه فهذا يجتمع مع ما ذكرنا من كون المراد بالعمومات العمومات الاجتهادية وامّا تخصيص الكلام بالاستصحاب المخالف للاصل فلا يكون قرنية على ما ذكر من كون المراد بالعمومات هى عمومات الاصول النافية اذ مع التخصيص المزبور يمكن كون مراده تقدم الاستصحاب على الاصول العمليّة النافية بان يكون رافعا لحكمها وعلى العمومات الدالّة على الاباحة الواقعية بعد تخصيصها بالدليل الاجتهادى على التقرير الّذى سلف فليس فيه شهادة على التوجيه الاوّل الّذى ذكره المصنّف اصلا ومن العجيب مع ذلك جعل المصنّف ذلك قرنية على ما ذكره وقد تبعه على ذلك شيخنا وغيره ثم انّ وجه تخصيص العلّامة الكلام بالاستصحاب المخالف للاصل ان مقصوده ذكر شيئين احدهما كون الاستصحاب رافعا لحكمه والثّانى كونه مخصّصا للعمومات الاجتهادية الدالّة على الاباحة الواقعية والاوّل لا يتاتى فى الاستصحاب الموافق لانّ قاعدة الشغل عنده مقدّمة على اصل البراءة وان كان استصحابا كما فى الشكّ فى المكلّف به فان قلت سيأتي فى مقام تعارض الاستصحاب مع ساير الاصول ان الاستصحاب مقدّم على قاعدة الشغل ووارد عليها فيكون تخصيص العلامة الكلام بالاستصحاب المخالف بلا فائدة اذ يكون فى الاستصحاب الموافق ايضا شيئان الاوّل انه رافع لحكم الشغل والثّانى انه يكون مخصّصا للعمومات الدالّة على الإلزام على التقرير الّذى سلف قلت مورد قاعدة الشّغل هو ما اذا كان
__________________
(١) وقوله ع خلق الله الماء وفهو رام