دلالتها على حجّيته يكون الاصل المزبور حجة لكن المبنى بكلا شقيه ضعيف مردود كما سيجيء تحقيقه فى مقرّه وان كان الحكم بالحرمة والنجاسة معلقا على الميتة بمعنى ما مات حتف انفه ونحوها والحلية والطهارة على عدمها كما يدلّ عليه قوله تعالى (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً) وقوله تعالى (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ) اه كان الاصل عدم ثبوت سبب نجاسة اللحم بلا معارض كما سيجيء منه قدّس سره وسيجيء توضيحه وما اورد عليه وان كان الحكم بالحرمة والنجاسة متعلّقا على الميتة الوجودية وما يلحق بها والحلّية والطّهارة على المذكّى كما شيخنا ره لا يجرى اصالة عدم التذكية لا فى نفسها ولا لاثبات الموت حتف الانف لعدم الاثر له على التقدير المزبور وعدم حجّية الاصل المثبت قوله كما يرشد اليه قوله تعالى (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) اه قد استدل بالآية على كون الحكم بالحرمة والنجاسة معلّقا على غير المذكى وان الميتة بمعنى غير المذكّى وفيه اشكال فنقول قال الله تعالى فى سورة المائدة (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) والظّاهر ان المراد بالميتة الّتى علّق عليها حكم التحريم فى الآية هو خصوص ما مات حتف انفه لا غير المذكى كما ذكره ويدلّ عليه وجوه الاوّل تصريح جمع من المفسّرين به ففى الكشاف كان اهل الجاهليّة ياكلون هذه المحرّمات الميتة الّتى تموت حتف انفها الى ان قال والمنخنقة الّتى خنقوها حتى ماتت والموقوذة الّتى اثخنوها جوفا بعضى (١) حجر حتى ماتت والمتردية الّتى تردت من جبل او فى بئر فماتت والنطيحة الّتى نطحتها اخرى فماتت وما اكل السّبع بعضه الا ما ذكّيتم ادركتم ذكاته وهو يضطرب اضطراب المذبوح وتشخب اوداجه انتهى وقريب منه ما فى التفسير الكبير لفخر الدين الرّازى وحكى عن جماعة من اهل التفسير انّهم قالوا الميتة لا زكاة لها ولا الخنزير فلا يكون الاستثناء راجعا اليهما وصاحب مجمع البيان وان جعل الميتة بمعنى ما فارقه روحه من غير تذكية إلّا انه يفهم منه ان المعروف بين اهل الجاهلية ما ذكرنا من معنى الميتة لانّه قال فى جملة كلام له ان اهل الجاهلية لا يعدون الميتة الا ما مات حتف انفه من دون شيء من هذه الاسباب فاعلمهم الله سبحانه ان حكم الجميع واحد قال السدى ان ناسا من العرب كانوا ياكلون جميع ذلك ولا يعدّونه ميّتا انما يعدون الميت الّذى يموت من الوجع انتهى ولا شكّ انّ ان القرآن نزل بلغتهم وان ورد فى مقام ردعهم عن اعتقادهم الباطل من عدم تحريم المذكورات وادعاء الحقيقة الشرعيّة فى الميتة دونه خرط القتاد وكذلك (٢) وانما المسلم جعل الشارع لها شروطا فهى لغة وعرفا وشرعا بمعنى الذّبح غاية الامر عدم ثبوت الحلية الشرعية الّا على التذكية المفترقة بالشرائط المقرّرة الثانى ان ظاهر العطف هو المغايرة التامة فلو كانت الميتة بمعنى غير المذكى لما احتيج الى ذكر المنخنقة والموقوذة
__________________
(١) او
(٢) التذكية