من التكوين فالدلوك وان كان منصفا بكونه سببا للوجوب فى الخارج لكن عروض السببيّة له انما يكون حين ملاحظته فى الذّهن فتكون من المعقولات الثانوية الفلسفية وليس بازائها شيء فى الخارج فان قلت انّ الوجوب والحرمة وامثالهما لا يحازى بها شيء فى الخارج فكيف تكون مجعولة موجودة فى الخارج قلت الوجوب مثلا مما يوجد فى الخارج وينشأ او هو نفس الانشاء ويكون قائما بالنفس قيام العرض بمعروضه ويكون منشأ للآثار وهو معنى الوجود الخارجى ولا ينافى قيامه بالنفس كل عن كونه موجودا خارجيا فان النفس ايضا خارج من الخارجيّات ولذا قالوا ان الانسان الموجود فى الذهن عرض خارجى جوهر ذهنى وان السواد الموجود فى الذهن مثلا عرض خارجى وعرض ذهنى غاية الامر كون القيام بالنسبة الى الواجب تبارك وتعالى صدوريا لا حلوليا ولا فرق فيما ذكرنا بين كون الطلب نفس الارادة وبين كونه غيرها وبين كونه عينها باعتبار وغيرها باعتبار آخر بل ولا فرق فى ذلك بين قول الاشاعرة القائلين بكون الحكم هو الكلام النفسى القديم وبين قول غيرهم القائلين بحدوثه لانّ الكلام النفسى عندهم موجود بوجود زائد على الذات ولذا اورد عليهم بتعدد القدماء نعم نسبة الجعل والايجاد الى القديم لا يخلو عن اشكال بل غير معقول وقد نقل سيّدنا واستادنا فى المعقول الآقا ميرزا ابو الحسن الطباطبائى قدسسره عن السيّد المحقّق الداماد طاب ثراه فى بعض كلماته بانه لا يصدق الخلق والايجاد على ما هو فى الكتاب والسنة مع القول بقدم العالم زمانا وان القول بالحدوث الذاتى لا يصحّح نسبة الخلق والايجاد اليه والثانى انا اذا راجعنا الى وجداننا نجد ان المولى اذا قال لعبده اكرم زيدا ان جاءك فقد انشأ انشاء واحدا وهو وجوب الاكرام عند مجيء زيد ولا نجد انشاء آخر وهو سببيّة المجيء للاكرام وانّما هى مستفادة من وجوب الاكرام عنده ومنتزعة منه ولذا اشتهر عند الفقهاء سببية الدلوك ومانعية الحيض مع انه لم يرد فيهما الا وجوب الصّلاة عند الدلوك وحرمة الصّلاة عند الحيض فاذا كانت السببيّة والمانعية انتزاعيّة فى مثل المثالين المذكورين تكون انتزاعيّة ايضا فيما اذا قال المولى الدلوك سبب والحيض مانع لامتناع ان يكون شيء انتزاعيا فى مورد وموجودا اصيلا فى مورد آخر ولا يعارض هذا بالقول بان الوجوب فى مثل قول المولى الدلوك سبب للوجوب يكون انتزاعيّا فليكن فى مثل ما اذا قال يجب الصّلاة عند الدلوك ايضا انتزاعيّا لانّه لا شبهة ولا ريب فى كون الاحكام الشرعيّة التكليفية مجعولة وانما الخلاف والنزاع فى الحكم الوضعى وهذا الوجه كسائر الوجوه الّتى سيذكر مستفادة فى كلام المصنف ويمكن ان يورد عليه بان غاية ما يقتضيه الوجدان عدم كونهما مجعولين بجعلين وامّا عدم كونهما مجعولين بجعل واحد فلا ألا ترى ان لوازم الماهيات