فاذا قلنا باصل البراءة من باب قاعدة قبح العقاب بلا بيان وقلنا بانّ الأخبار مؤكّدة لهذا الحكم العقلى وكذلك اذا قلنا باصل الاشتغال من باب وجوب دفع الضّرر المحتمل وقلنا بانّ اخبار الاحتياط مؤكّدة له فحينئذ يكون الدّليل الظنّى واردا عليهما لارتفاع موضوع اصل البراءة والاشتغال به اذ لا يكون العقاب حينئذ بلا بيان لأنّ الدّليل الظنّى مع فرض اعتباره يكون بيانا ولا يجرى قاعدة وجوب دفع الضّرر المحتمل مع قيام الدّليل الظنّى على خلافها لعدم احتمال العقاب مع وجوده وكذلك حكم العقل بالتّخيير فى صورة التردّد والتحيّر ومن المعلوم ارتفاع التحيّر مع وجود الدّليل الظنّى المعتبر قوله وامّا اصل التّخيير فهو اصل عقلى لا غير الرّجوع الى التّخيير فى صورة دوران الأمر بين المحذورين على ما هو المشهور انّما هو بحكم العقل من باب وجوب الالتزام بحكم الله الواقعى فلمّا لم يمكن الالتزام به تعيينا وجب الالتزام به تخييرا وهذا المطلب وان كان محلّ نظر عند المصنّف قدسسره بل سيصرّح فى موضعه بانّ المتعيّن الرّجوع الى التوقّف فى الصورة المفروضة لكن الثابت عند المشهور هو الرّجوع الى التّخيير العقلى وجعل الأصول اربعة من جملتها اصل التّخيير انّما هو على رايهم لا على راى المصنّف وغيره ممّن حكم بالتوقّف او بالرّجوع الى اصل الإباحة او بترجيح جانب التحريم وامّا توهّم كون التخيير المذكور شرعيّا مستفادا من حكم الشّارع بالتخيير عند تعارض الخبرين بتقريب انّ دلالة الخبرين على نفى الثالث ظنّية فاذا وجب العمل بهما فى نفى الثالث وعمل بكلّ منهما مخيّرا ففى المقام الّذى يكون نفى الثالث قطعيّا لا بدّ ان يعمل بكلا الاحتمالين تخييرا بطريق اولى فمضعّف بانّه قياس مع الفارق مع انّ القياس بطريق اولى ليس بحجّة كما يدلّ عليه رواية أبان وغيره وتسمية القياس المذكور بالفحوى وادراجه فى الدّلالة اللّفظيّة الالتزاميّة ممنوعة وسيجيء شرح المطلب مفصّلا حين تعرّض المصنّف له إن شاء الله الله تعالى قوله ثمّ انّ انحصار موارد الاشتباه فى الاصول الاربعة عقلىّ قد ذكرنا فى صدر الكتاب انّ انحصار موارد الاشتباه فى الأصول الأربعة استقرائى لا عقلى فلا بدّ ان يكون المراد ان الانحصار عقلى بمئونة الاستقراء وفيه تكلّف والأظهر انّ المراد انحصار موارد الاشتباه فى موارد الاصول الأربعة