العقل ولا ريب فى عدم امكان كون حكم العقل تعبّديا ومن هنا ظهر ضعف ما ذكره بعض افاضل المحشّين من امكان كون بناء العقلاء على الامور التعبّدية فى غير هذا المقام وانّ المورد هنا داخل فى الأمور الارتكازية عند العقلاء ثم انّه لا شكّ فى ان الاستصحاب اذا كان حجّة فلا بدّ ان يكون من باب التعبّد ويكون اصلا من الاصول لا من الامارات فلا يمكن ان يكون حجيته عند الشارع من باب بناء العقلاء المبنى على الظنّ الّا ان يقال ان اشعار لفظ الحديث من كون الاستصحاب مرتكزا فى الاذهان لا يستلزم ان يكون حجّيته عند الشّارع من باب الظن لإمكان كون مورد حكم العقلاء داخلا فى مورد حكم الشّرع بان يكون العلّة عند الشارع اعم مما عند العقلاء كما سلف ذلك عند بيان حكم الشرع الغير المستند الى حكم العقل والتمثيل بثبوت البراءة من التكليف فى غير مورد حكم العقل ايضا فتامّل ولا يخفى انه على تقدير صحّة الممشى المذكور يكون الاستصحاب حجّة مطلقا فى باب الوضوء وغيره ثم انه قد ذكر المحقق القمّى قدّس سره فى القوانين بان الاستصحاب حجة من باب الظنّ الّذى دلّ دليل الانسداد على حجّيته وانّه حجة من باب الأخبار ايضا قال فانا لا ننقض اليقين بالشكّ من جهة الأخبار ايضا وقال ان حمل الأخبار على الظن مشكل فكيف التوفيق بناء على ما ذكرت من الاشكال قلت يمكن الاستدلال بكل مع الاغماض عن الآخر كما تريهم يستدلّون بالاصل والاجماع والكتاب والسنّة مع اختلاف مفاداتها فيقال بانّ التمسّك بالاصل مع الإغماض عن الادلّة الاجتهادية اذ مع وجودها لا معنى للتمسّك بالاصل والاوجه ان يقال ان الاستصحاب فى صورة افادة الظن الشخصى يكون من باب الأمارات عند المحقق القمّى ويكون صحته من باب دليل الانسداد كما صرّح به وفى غير هذه الصّورة يكون حجة من باب التعبّد وهذا التفصيل وان كان غير معهود عن احد من العلماء لكن لا محيص عنه بعد صراحة كلامه فى ذلك فلا بدّ من حمل كلماته على ذلك وقد يقال فى مقام توهين ما ذكر بان مورد التعليل هو كونه على يقين من وضوئه وهو امر وجدانى وليس مورد التعليل هو قوله فلا ينقض اليقين بالشكّ حتى يقال بانه امر ارتكازى يكون بناء العقلاء عليه لكنه ليس بشيء لان مورد التعليل ليس هو قوله فانه على يقين من وضوئه اذ هو لا يغنى شيئا مع عدم انضمام ولا ينقض اليقين