الحكم بوجوب الاحتياط عند القائل به من جهة العلم الاجمالى بالتكليف وان شغل الذمّة اليقينى يستدعى الفراغ اليقينى وهذا عام يجرى فى كلتا الصّورتين قوله قلت اوامر الطبيب ارشادية محصّل ما ذكره المصنّف الفرق بين اوامر الطبيب وغيره مما يكون المطلوب فيه احراز الخاصية المترتبة على المامور به وبين اوامر الموالى بالنّسبة الى العبيد مما يكون المطلوب فيه تخلّص العبد عن العقاب اللّازم عليه على تقدير الترك ففى الصّورة الاولى يجب على المريض فعل كلّ ما يحتمل مدخليته فى المأمور به اذ مقصود المريض من شرب الدواء امّا حفظ الصّحة او دفع المرض وعلى التقديرين وجب له الاتيان بكلّ ما يحتمل ان يكون جزء او شرطا والّا كان نقضا لغرضه وامّا فى الصّورة الثانية فالمطلوب ليس الّا التخلّص من تبعة ترك الواجب فمع حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان بالنّسبة الى الجزء او الشرط المشكوكين يحصل له التخلّص من ذلك قوله المشهور بين العدلية لا يخفى ان قولهم الواجبات السمعية الطاف فى الواجبات العقلية يحتمل معنيين احدهما تاكيد حكم العقل بالنّقل اذ هو ادخل فى فعل المأمور به وترك المنهى عنه ويوجب قرب الشخص الى الطّاعة وبعده عن المعصية وهو الّذى قيل بوجوبه على الله تعالى وقد استدلّ به الاخباريون على عدم وجوب امتثال الحكم العقلى مع عدم ورود الشّرع على طبقه وذكروا انّ العقاب لا يحسن الّا مع اللّطف بتأييد العقل بالنقل وان حسن الذم بناء على انّ منع اللّطف يوجب قبح العقاب دون الذّم وقد اجاب عنه فى القوانين بمنع وجوب هذا اللّطف الخاصّ وقد ذكرنا تهافت كلماته قدسسره وشطرا من الكلام فى ذلك فى اوائل اصل البراءة من هذا الكتاب فراجع وعلى المعنى المذكور يكون الواجب السّمعى هو عين الواجب العقلى والثانى انّ من فعل الواجبات السمعيّة كالصّلاة والصّوم وغيرهما يحصل له صفاء فى النفس وكمال فى الباطن ويكون مستعدّا للاتيان بالواجبات العقليّة كالعدل والاحسان وايتاء ذى القربى ويحصل له المعارف الإلهيّة ولذا ذكر الله تعالى (ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) حيث فسّر بمعنى ليعرفون والسرّ فيه كون العبادة موجبة للمعرفة كما انّ المعرفة موجبة للعبادة ولا دور لاختلاف العلّة والمعلول فى المراتب وقد اشرنا الى بعض الكلام فى ذلك فى بعض الحواشى السّابقة ومحصّل الوجه الثانى كون الغرض من تشريع الواجبات الشرعيّة التوصّل والتقرب الى الواجبات العقليّة