نعم الّذى يتفاوت فيه المكلّفون انّما هو مراتب كماله بعد تحقق اصل حقيقته الّتى يخاطب بتحصيلها كلّ مكلّف ويصير بها مؤمنا عند الله ويستحقّ الثّواب الدّائم وبدونها العقاب الدائم انتهى اقول قد ذكرنا انّ اختلاف الايمان بحسب الحقيقة لا يوجب كون المرتبة الزائدة مكلّفا بها لكلّ مكلّف اذ من المعلوم انّ المستدلّ للزّيادة بالقطع بان تصديقنا ليس كتصديق النبىّ ص لا يقول بكوننا مكلّفين بمثل تصديق النبىّ ص مع انّه محال والتّكليف بالمحال محال وكذلك المستدلّ بقوله تعالى تعالى (لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ) لا يقول بعدم كونهم مؤمنين قبل حصول الزّيادة مع دلالة الآية على كونهم مؤمنين قبل حصول الزّيادة نعم لو ثبت ما ذكره قدسسره من انّ القائل بالزّيادة والنقيصة يقول بانّ المستعدّ للزّيادة مكلّف بها ولا يقبل منه غيرها كان لما ذكره وجه لكنه بعيد ومناف لما ذكروه فى هذا المقام فلنذكر بعض كلمات بعض من وافقنا فى ذلك قال شارح المقاصد على ما حكى عنه ظاهر الكتاب والسنّة وهو مذهب الأشاعرة والمعتزلة والمحكى عن الشافعى وكثير من العلماء انّ الأيمان يزيد وينقص وعند ابى حنيفة واصحابه وكثير من العلماء انّه لا يزيد ولا ينقص لأنّه اسم للتّصديق البالغ حدّ الجزم والاطمينان ولا يتصوّر فيه الزّيادة والنقصان والمصدّق اذا ضمّ الطّاعات اليه او ارتكب المعاصى فتصديقه بحاله لم يتغيّر اصلا وانّما يتفاوت اذا كان اسماء للطّاعات المتفاوتة قلّة وكثرة ولهذا قال الإمام الرّازى وغيره انّ هذا الخلاف فرع تفسير الايمان فان قلنا هو التّصديق فلا يتفاوت وان قلنا هو الأعمال فيتفاوت ثم قال ولقائل ان يقول لا نسلّم انّ التّصديق لا يتفاوت بل يتفاوت قوّة وضعفا كما فى التّصديق بطلوع الشمس والتّصديق بحدوث العالم لانّه امّا نفس الاعتقاد القابل للتفاوت او مبنى عليه قلّة وكثرة كما فى التّصديق الإجمالي والتّفصيلى الملاحظ لبعض التفاصيل او اكثر فانّ ذلك من الايمان لكونه تصديقا بما جاء به النبىّ ص اجمالا فيما علم اجمالا وتفصيلا فيما علم تفصيلا لا يقال الواجب تصديق يبلغ حدّ اليقين وهو لا يتفاوت لأن التفاوت لا يتصوّر الّا باحتمال النقيض لأنّا نقول اليقين انّما هو من باب العلم والمعرفة وقد سبق انّه غير التصديق ولو سلم انّه التصديق وان المراد به حدّ الإذعان والقبول ويصدق عليه المعنى المسمّى بگرويدن ليكون تصديقا قطعا فلا نسلّم انّه لا يقبل التفاوت بل لليقين مراتب من اجل البديهيّات