عن إطار اختيار النّفس وسلطانها.
وعلى ضوء هذه النواحي يظهر ان ما أفاده (قده) من ان الاختيار على تقدير انفكاكه عن النّفس يلزم كون النّفس مع هذه الصفات علة ناقصة لا تامة ، مع ان المعلول لا يوجد الا بوجود علته التامة خاطئ جداً والسبب في ذلك أولا ما تقدم من ان الاختيار ذاتي للنفس فلا يعقل انفكاكه عنها ، وليس حاله من هذه الناحية حال سائر الأفعال الاختيارية. وثانياً ما عرفت بشكل واضح من ان الفعل لا يفتقر في وجوده إلى وجود علة تامة له ، بل هو يحتاج إلى وجود فاعل ، والمفروض ان النّفس فاعل له فاذن لا معنى لما أفاده (قده) من ان الفعل ممكن وكل ممكن يحتاج إلى علة تامة.
وإن أصررت على ذلك وأبيت الا ان يكون للشيء علة تامة ، ويستحيل وجوده بدونها فنقول : ان العلة التامة للفعل انما هي إعمال القدرة والسلطنة بتحريك القوة العضلانية نحوه ومن الطبيعي ان الفعل يتحقق بها ويجب وجوده ، ولكن بما ان وجوب وجوده مستند إلى الاختيار ومعلول له فلا ينافي الاختيار. فالنتيجة هي ان الممكن وان كان بكافة أنواعه واشكاله يفتقر من صميم ذاته إلى علة تامة له الا ان العلة التامة في الأفعال الاختيارية حيث انها الاختيار وإعمال القدرة فبطبيعة الحال تكون ضرورتها من الضرورة بشرط الاختيار. ومن الواضح ان مثل هذه الضرورة يؤكد الاختيار.
(الرابع) : إليكم لفظه : ان الفعل المسمى بالاختيار ان كان ملاكاً لاختيارية الأفعال ، وان ترتب الفعل على صفة الإرادة مانع عن استناد الفعل إلى الفاعل لكان الأمر في الواجب تعالى كذلك ، فان الملاك عدم صدورها عن اختياره ، لا انتهاء الصفة إلى غيره ، مع ان هذا الفعل المسمى بالاختيار يستحيل ان يكون عين ذات الواجب فان الفعل يستحيل ان يكون عين فاعله