فبطبيعة الحال كان عدم أخذ الجامع بين جميع هذه الدواعي أيضاً متيقناً ، لفرض انه لا يعم غيرها. وان شئت فقل : ان أخذ خصوص قصد الأمر في متعلقه حيث انه مستحيل فلا معنى لأخذ الجامع بينه وبين غيره من الدواعي القربية فيه ، وعندئذ فلو كان الجامع مأخوذاً فلا بد ان يكون الجامع بين بقية الدواعي وهو غير مأخوذ قطعاً والا لم تكن العبادة صحيحة بدون أحد تلك الدواعي وان كانت مع قصد الأمر.
والجواب عنه يظهر مما حققناه سابقاً وحاصله هو ان الإطلاق عبارة عن رفض القيود وملاحظة عدم دخل شيء من الخصوصيات فيه من الخصوصيات النوعية أو الصنفية أو الشخصية ، وليس عبارة عن الجمع بين القيود والخصوصيات. وعلى هذا فلا مانع من أخذ الجامع بين جميع هذه الدواعي القربية في العبادات ، ولا يستلزم عدم اعتبار كل واحد من تلك الدواعي فيها عدم أخذ الجامع ، وذلك لأن معنى أخذ الجامع ليس أخذ خصوص قصد الأمر وقصد المحبوبية وقصد الملاك ونحو ذلك من الدواعي في المتعلق ليلزم المحذور السابق ، لما عرفت من انه يقوم على أساس ان يكون معنى الإطلاق هو الجمع بين القيود ولحاظ دخل الجميع فيه ، ولكن قد عرفت خطاء هذا التفسير ، بل معناه لحاظ عدم دخل شيء منها فيه. ومن الطبيعي انه لا محذور في ذلك ، فان المحذور انما هو في أخذ خصوص قصد الأمر لا في عدم أخذه ، وهكذا. ومن هنا قلنا انه لو أمكن للمكلف إيجاد المطلق المعرى عنه جميع الخصوصيات فقد حصل الغرض وامتثل الأمر ، مثلا ففي مثل قولنا أعتق رقبة الّذي لاحظ المولى طبيعي الرقبة من دون ملاحظة خصوصية من الخصوصيات فيها لو تمكن المكلف من إيجاد عتق الرقبة خالياً عن تمام الخصوصيات لامتثل الأمر.
فالنتيجة لحد الآن قد أصبحت انه لا مانع من أخذ خصوص قصد