ضرورة ان مدلوله جزاء الناس بسبب الأعمال الصادرة منهم في الخارج ، وأما كونه من آثارها ولوازمها التي لا تتخلف عنها فلا يدل عليه بوجه أصلا. وأما قوله عليهالسلام «انما هي أعمالكم ترد إليكم» فظاهر في تجسم الأعمال ، ولا يدل علي ان العقاب ليس من معاقب خارجي ، بداهة انه لا تنافي بين الالتزام بتجسم الأعمال في الآخرة وكونه بيد الله تعالى وتحت اختياره.
واما الثاني فيرد عليه ما تقدم في ضمن البحوث السابقة من ان مجرد كون الفعل مسبوقاً بالإرادة لا يصحح مناط اختياريته رغم ان الإرادة بكافة مباديها غير اختيارية من ناحية ، وكونها علة تامة من ناحية أخرى ومنتهية الإرادة الأزلية من ناحية ثالثة ، بداهة ان الفعل والحال هذه كيف يعقل كونه اختيارياً. وعلى هذا الضوء فلا يمكن القول باستحقاق العقاب عليه ، لاستقلال العقل بقبح العقاب على الفعل الخارج عن الاختيار ، فاذن هذا الجواب لا يجدى في دفع المحذور المزبور.
وأما الثالث فهو مبتن على تجسم الأعمال وهو وان كان غير بعيد نظراً إلى ما يظهر من بعض الآيات والروايات الا ان مرده ليس إلى أن تلك الأعمال مادة لصورة أخروية المفاضة من واهب الصور على شكل اللزوم بحيث يستحيل تخلفها عنها ، بداهة ان التجسم بهذا المعنى مخالف صريح للكتاب والسنة حيث انهما قد نصا على ان العقاب بيده تعالى ، وله ان يعاقب وله ان يعفو.
وعلى الجملة فالمجيب بهذا الجواب وان كان يدفع مسألة قبح العقاب على الأمر الخارج عن الاختيار ، حيث ان العقاب على أساس ذلك صورة أخروية للأعمال الخارجية اللازمة لها الخارجة عن اختيار المعاقب الخارجي فلا يتصف بالقبح ، الا انه لا يعالج مشكلة لزوم لغوية بعث الرسل وأنزل الكتب