قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    كاشفة الحال عن أحوال الإستدلال

    كاشفة الحال عن أحوال الإستدلال

    كاشفة الحال عن أحوال الإستدلال

    تحمیل

    كاشفة الحال عن أحوال الإستدلال

    154/188
    *

    على كتب السلف ، والبحث عن معاني أقوالهم ، وكيفية تصرفهم في التوصل إلى تلك المطالب ، والوقوف على أدلتهم التي جعلوها سلّما لهم إلى تلك الفتاوى التي أظهروها واستظهروا بها ، تجد بذلك لذّة الوصول إلى مطالبهم ، وتدركها غاية الإدراك ، وتقف على تلك المطالب من أقرب المسائل ، والوقوف على فروع المجتهدين ، وتعريف كيفية مأخذها ، والاطلاع على تفصيل مجملها معين غاية الإعانة.

    وإياك والتسارع بالفتوى ، أو العمل بالحكم قبل الاستقصاء في النظر والاستيفاء في البحث ، واحذر من التقصير في الاجتهاد غاية الحذر ، فإنّه المزلقة العظمى التي وقع فيها كثير من أهل الاجتهاد ، فحصلوا في اللوم ولم يخلصوا من ورطة الاثم ، فإن الحديث المروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بالطريق الصحيح : «ان من اجتهد وأصاب فله حسنتان ، ومن اجتهد وأخطأ فله حسنة» (١) مخصوص بمن لم يقصّر في اجتهاده ، بل استقصى فيه منتهى وسعه ، فإن ذلك غاية جهده وأقصى تكليفه ، فلا لوم عليه إذ لم يوفق لتحصيل الحق ، ولا يصح في الحكمة إضاعة كدحه وتعبه ، فلا بدّ من إثابته على تلك المعاناة والكدّ.

    وأمّا المقصّر في اجتهاده الذي لم يبالغ في البحث ، ولم يستوف النظر بالنسبة إلى وسعه ، ثم يتسارع بالعمل بما أدّاه إليه مبادئ النظر الخالي عن الاستقصاء أو الافتاء به ، ثم يقع في الخطأ فإنه ملوم مأثوم ، لأنه لم يؤد ما وجب عليه على ما شرطه الشارع ، فضاع كده وكدحه ، وباء بالاثم ، وذلك هو الخسران المبين.

    وأمّا المصيب فقد ساوى غير المقصّر في الكد ، والكدح ، والمعاناة ،

    __________________

    (١) عوالي اللئالي للمؤلف : ج ٤ ص ٦٣ ح ١٦.

    وراجع مسند أحمد بن حنبل : ج ٤ ص ١٩٨ ، ص ٢٠٤. (دار صادر بيروت). «وفيه بدل الحسنة الأجر».