أحدهما : أن العرب إذا أخبرت عن رجل بفعلين ردّوا الآخر بثمّ إذا كان هو الآخر فى المعنى. وربّما جعلوا (ثمّ) فيما معناه التقديم ويجعلون (ثم) من خبر المتكلّم. من ذلك أن تقول : قد بلغني ما صنعت يومك هذا ، ثمّ ما صنعت أمس أعجب. فهذا نسق من خبر المتكلّم. وتقول : قد أعطينك اليوم شيئا ، ثمّ الذي أعطيتك أمس أكثر ، فهذا من ذلك.
والوجه الآخر : أن تجعل خلقه الزوج مردودا على (واحدة) كأنه قال : خلقكم من نفس وحدها ، ثمّ جعل منها زوجها. ففى (واحدة) معنى خلقها واحدة.
قال : أنشدنى بعض العرب :
أعددته للخصم ذى التعدّى |
|
كوّحته منك بدون الجهد (١) |
ومعناه الذي إذا تعدى كوّحته ، وكوّحته : غلبته وقوله : (وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ) [٧] يقول : يرضى الشكر لكم. وهذا مثل قوله : (فَاخْشَوْهُمْ (٢) فَزادَهُمْ إِيماناً) أي فزادهم قول الناس ، فإن قال قائل : كيف قال (وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) وقد كفروا؟ قلت : إنه لا يرضى أن يكفرو. فمعنى الكفر : أن يكفروا. وليس معناه الكفر بعينه. ومثله ممّا يبيّنه لك أنك تقول : لست أحبّ الإساءة ، وإنى لأحب أن يسىء فلان فيعذّب (٣) فهذا (٤) ممّا يبيّن لك معناه.
وقوله : (نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ) [٨].
يقول : ترك الذي كان يدعوه إذا (٥) مسّه ، الضر يريد الله تعالى. فإن قلت : فهلّا قيل : نسى من
__________________
(١) ورد فى اللسان (كوح) عن أبى عمرو.
(٢) الآية ١٧٣ سورة آل عمران.
(٣) ش : «ويعذب».
(٤) ش : ب «وهذا».
(٥) ا : «إذ».