كمال(١) الصنع والإبداع بحيث لا يشبه أحدٌ أمّه وأباه ولا أعمامه ولا أقربائه إلاّ النادر القليل بغير التأمّل والتفصيل ، ومع ذلك لا يكاد يحصل الاتّفاق من كلّ وجه بلا نزاع وشقاق.
فهي(٢) إذاً صريحة الدلالة على أنّ الواضع للّغات هو الله سبحانه(٣) وتعالى ، وإن كان في الآيات الثلاثة مناقشات إلاّ أنّ الإعراض عنها أجدر.
الآية الرابعة : قوله تعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَق * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)(٤) ، فإنّ فيها دلالة بعموم التعليم أنّ واضع اللغة اللفظية من التعبيرية والكتابية هو الله سبحانه وتعالى.
الآية الخامسة : قوله تعالى : (مَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُول إلاّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ)(٥) ، فإنّه يمكن أن يُستدلّ بها على عكس ما ذكرناه من دلالة الآيات الأربعة الأُوَل ، وهو كون الواضع للّغة هو البشر حيث اُسنِد اللسان إلى القوم لا إلى الرسول ، إذ المراد باللسان اللغة ـ كما عرفت ـ لأنّ التعليم للغير من الله سبحانه وتعالى إنّما يكون بواسطة الوحي الإلهي ، فإذا كان الرسول الموحى إليه مبعوثاً بلسان قومه ممّا يدلّ على سبق معرفة اللغة على الرسالة ولا يكون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) في (ح) : (من كلّ).
(٢) في (ح) : (فكلّ).
(٣) (سبحانه) لم ترد في (ح).
(٤) سورة العلق : ١ ـ ٥ ، وفي (ص) لم يكتب الآية كاملة.
(٥) سورة إبراهيم : ٤.