الآية الثانية : قوله تعالى : (الرَّحْمَنُ * خَلَقَ الإنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ)(١).
الآية الثالثة : قوله تعالى : (وَمِنْ آيَاتِهِ .... وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ)(٢).
فإنّ هذه الآيات الثلاثة دالّة بقرينة التعليم للأسماء الذي هو جمع معرّف بالّلام وهو حقيقة في العموم سواء أريد بالأسماء الألفاظ أو المسمّيات بواسطة دلالة الألفاظ عليها ، والتعليم للبيان الذي هو عبارة عن إبداء ما في الضمير بواسطة التعبير ، وعمومه لتعليق الحكم على الطبيعة أو بدليل الحكمة أو لفهم العرف منه العموم في المقامات البيانية والاستدلالية.
وكون المراد من الاختلاف في الألسن إرادة اختلافها بأصناف اللغات لا بالأجرام ونفس النطق بحركاته ـ وإن احتمل ذلك بقرينة مقابلته بالألوان ـ إلاّ أنّ المقابلة أظهر في ترجيح المعنى الأوّل بعد كون الإنسان مخلوقاً من مادّة واحدة ومن والدين ، فإنّه يقتضي اتّحاد الأفراد من كلّ وجه كالمضروب من الخواتيم المنقوشة ، إلاّ أنّ إبداع الصنع مع الاتّحاد بالمادّة والصورة النوعيّتين واختلاف الألسن بالنطق والبيان واختلاف ألوان الصور الشخصية فإنّه من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) سورة الرحمن : ١ ، ٣ ، ٤ ، وتمامها (الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ القُرآنَ (٢) خَلَقَ الإنْسَانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ(٤)).
(٢) سورة الروم : ٢٢ ، وتمامها (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ).