﴿وَ﴾ سبّحوه ﴿حِينَ تُظْهِرُونَ﴾ وتصلون إلى نصف النهار.
وقيل : إنّ عشيا وحين تظهرون وقتان للتحميد ؛ لأنّهما وقت ظهور نعمة الله ، وانتظام أمر المعاش ، وأخذ نتائج الأعمال ، والوقتان الأوّلان وقت الحاجة إلى النوم والانتباه منه ، والحاجة إلى تحصيل المعاش والإقدام في رفع الحوائج ، فيناسبان لتنزيه الله عن النقائص الامكانية.
وعن ابن عباس : أنّ المراد من التسبيح الصلوات الخمس اليومية ، فالمراد من التسبيح في المساء صلاة المغرب والعشاء ، وفي الصبح صلاة الفجر ، وفي العشيّ صلاة العصر ، وفي الظهر صلاة الظهر(١).
وكما أنّه تعالى يخرج الانسان في المساء من اليقظة إلى النوم ، وفي الصبح يخرجه من النوم إلى اليقظة ﴿يُخْرِجُ﴾ الانسان والحيوان ﴿الْحَيَّ مِنَ﴾ التراب والنّطفة والبيض ﴿الْمَيِّتِ﴾ وقيل : يعني يخرج المؤمن من الكافر ، والعالم من الجاهل (٢)﴿وَيُخْرِجُ﴾ التراب والنّطفة والبيض ﴿الْمَيِّتِ﴾ أو الكافر والجاهل ﴿مِنَ﴾ الانسان والحيوان ﴿الْحَيَ﴾ أو من المؤمن والعالم ﴿وَيُحْيِ﴾ بالأمطار ﴿الْأَرْضَ﴾ وينبت فيها أنواع النباتات ﴿بَعْدَ مَوْتِها﴾ ويبسها وعدم النبات فيها ﴿وَكَذلِكَ﴾ الإحياء والإخراج تحيون بمطر شبه المنيّ والنّطفة و﴿تُخْرَجُونَ﴾ من القبور أحياء.
﴿وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ * وَمِنْ آياتِهِ أَنْ
خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ
فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ * وَمِنْ آياتِهِ
مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ
* وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ
الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ * وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ
السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ
تَخْرُجُونَ (٢٠) و (٢٥)﴾
ثمّ ذكر سبحانه الدليل المتقن أنّه مخرج الحيّ من الميت بقوله : ﴿وَمِنْ آياتِهِ﴾
ودلائله ﴿أَنْ خَلَقَكُمْ﴾ يا بني آدم ﴿مِنْ تُرابٍ﴾ بعيد من الحياة غايته (٣) يخلق أبيكم آدم منه ﴿ثُمَ
__________________
(١) تفسير أبي السعود ٧ : ٥٥ ، تفسير روح البيان ٧ : ١٧.
(٢) تفسير روح البيان ٧ : ١٧.
(٣) أي غاية البعد.