برمح رسول الله صلىاللهعليهوآله بعد رجوعه من احد.
ثمّ إن پرويز غضب على شهريار وأخيه فرخان لسعاية السّعاة ، فأراد قتل كلّ منهما بيد الآخر ، فلمّا وقفا على الحال سألا من هرقل أن يلقياه في وقت الخلوة ، فأذن لهما ، فلمّا دخلا عليه قبلا دين النصرانية وعهدا إليه أن يطيعاه ولا يخالفاه ، فجهّز جيشا كثيفا ، وأمّرهما عليه ، وأرسلهما إلى فارس ، فذهبا وغلبا على جند پرويز ، وأخذا بلاده حتى وصلوا إلى المدائن ، وبنوا بلده رومية هناك (١) .
وقيل : هرب پرويز ، وملكوا ملكه ، فلمّا وصل خبر فتح الروم بلاد الفرس إلى العرب ، أخذ أبو بكر مائة ناقة شابة من ورثة ابي ، فجاء بها إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال صلىاللهعليهوآله : « تصدّق بها » فتصدّق أبو بكر بها (٢) .
قيل : إنّ هرقل أول من ضرب الدينار ، وأحدث البيعة (٣) .
روي أنّ النبي صلىاللهعليهوآله كتب إلى هرقل ملك الروم كتابا ، ودعاه إلى الاسلام ، فلمّا وصل إليه كتاب النبيّ صلىاللهعليهوآله قرأه ووضعه على عينيه ورأسه ، وختمه بخاتمه ، ثمّ أوثقه على صدره ، ثمّ كتب جواب كتابه : إنّا نشهد أنّك نبي ، ولكنّا لا نستطيع أن نترك الدين القديم الذي اصطفاه الله لعيسى عليهالسلام. فعّجب النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فقال : « لقد ثبت ملكهم إلى يوم القيامة » .
وكتب إلى كسرى ملك فارس - وهو خسرو پرويز - يدعوه إلى الاسلام ، فلمّا قرأة مزّقه ، وأراد قتل الرسول صلىاللهعليهوآله فرجع الرسول إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله وأخبره ، فدعا عليهالسلام عليه أن يمزّق كلّ ممزّق ، فمزّق الله ملكهم ، فلا ملك لهم أبدا ، كما قال عليهالسلام : « نطحة أو نطحتان ، ثمّ لا فارس بعدها » (٤) .
وعن الباقر عليهالسلام أنّه سئل عن هذه الآية فقال : « إن لها تأويلا لا يعلمه إلّا الله والراسخون في العلم من آل محمد ، إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله لمّا هاجر إلى المدينة وأظهر الاسلام ، كتب إلى ملك الروم كتابا ، وبعث به مع رسول يدعوه إلى الاسلام ، وكتب إلى ملك فارس كتابا يدعوه إلى الاسلام ، وبعثه إليه مع رسوله ، فأمّا ملك الروم فعظّم كتاب رسول الله صلىاللهعليهوآله وأكرم رسوله ، وأمّا ملك فارس فانّه استخفّ بكتاب رسول الله صلىاللهعليهوآله ومزّقه ، واستخفّ برسوله ، وكان ملك فارس يومئذ يقاتل ملك الروم ، وكان المسلمون يهوون أن يغلب ملك الروم ملك الفارس ، وكانوا لناحيته أرجا منهم لملك فارس ، فلمّا غلب ملك فارس ملك الروم كره ذلك المسلمون واغتموا به ، فأنزل الله عزوجل بذلك كتابا : ﴿الم* غُلِبَتِ الرُّومُ* فِي أَدْنَى الْأَرْضِ﴾ يعني غلبتها فارس في أدنى الأرض ، وهي الشامات وما حولها ﴿وَهُمْ﴾ يعني فارس ﴿مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ﴾ الروم ﴿سَيَغْلِبُونَ﴾ يعني يغلبهم المسلمون ﴿فِي بِضْعِ
__________________
(١) تفسير روح البيان ٧ : ٥.
(٢) تفسير روح البيان ٧ : ٥.
(٣) تفسير روح البيان ٧ : ٤.
(٤) تفسير روح البيان ٧ : ٤.