قيل : بلغ خبر الغلبة يوم الحديبية (١) .
وقيل : أخبر جبرئيل النبيّ صلىاللهعليهوآله بها ، وكان يوم الغلبة يوم بدر (٢) . وعليه يمكن أن يكون المراد بفرح المؤمنين بنصر الله فرحهم بغلبتهم على المشركين في بدر.
وقيل : يعني يفرح المؤمنون بقتل الكفّار بعضهم بعضا ، لما فيه من تقليل عددهم وكسر شوكهم(٣). فانّ الله تعالى ﴿يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ﴾ نصره من ضعيف أو قويّ أو أهل كتاب أو مؤمن أو غيرهم ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ﴾ الغالب على كلّ شيء لا يعجزه شيء وهو ﴿الرَّحِيمُ﴾ المبالغ في العطوفة على من يشاء نصره ، واعلموا أنّ غلبة الروم على الفرس يكون ﴿وَعْدَ اللهِ﴾ الحتميّ الانجاز ، لأنّه ﴿لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ﴾ لمنافاته لالوهيته ﴿وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ﴾ وهم المشركون ﴿لا يَعْلَمُونَ﴾ وعده ووجوب إنجازه.
نقل أنّ پرويز سلطان الفرس صمّم على أن يقاتل هرقل قيصر الروم ، فأرسل إلى الروم عسكرا عظيما ، وأمّر عليهم شهريار وفرخان ، وكانا رجلين شجاعين ، فاطّلع هرقل على توجّه عسكر الفرس إليه ، فأرسل إليهم جيشا ، وأمّر عليهم رجلا يقال له خنيس (٤) ، فتلاقى العسكران بأذرعات وبصرى ، وهي أدنى الشام إلى أرض العرب والعجم ، فغلب الفرس على الروم ، وأخذوا بعض بلادهم ، وخرّبوا بعضها ، فبلغ الخبر مكة ، ففرح المشركون ، وشمتوا المسلمين ، وقالوا : أنتم والنصارى من أهل الكتاب ، ونحن وفارس اميّون ، لأنّ فارس كانوا مجوسا ، وقد ظهر إخواننا عليهم ، وهم إخوانكم ، فنرجو أن نظهر عليكم. فشقّ ذلك على المسلمين واغتمّوا ، فأنزل الله الآيات ، وأخبر أنّه لا يكون الأمر كما زعموا ، فقال أبو بكر للمشركين : لا يقرّنّ الله أعينكم ، والله ليظهر الروم على فارس في بضع سنين. فقال أبي بن خلف : كذبت يا أبا الفصيل (٥) . قال أبو بكر : بل أنت كذبت يا عدوّ الله. قال ابي : اجعل بيننا أجلا اناحبك (٦) عليه ، فناحبه على عشر نوق (٧) شابة من كلّ واحد منهما ، وجعلا الأجل ثلاث سنين ، فأخبر أبو بكر رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال صلىاللهعليهوآله له : « أخطأت ، فان البضع ما بين الثلاث إلى التسع » فزايده في الخطر ، ومادّه في الأجل ، فجعلاهما مائة ناقة إلى تسع سنين ، فلمّا خشي ابي أن يخرج أبو بكر مهاجرا إلى المدينة أتاه فلزمه ، فكفل له عبد الرحمن بن أبي بكر ، فلمّا أراد ابي أن يخرج إلى احد ، أتاه محمد بن أبي بكر ولزمه ، فأعطاه كفيلا ، ثمّ خرج إلى احد ، ثمّ مات ابي من جرح
__________________
(١) تفسير أبي السعود ٧ : ٤٩ ، تفسير روح البيان ٧ : ٥.
(٢) تفسير روح البيان ٧ : ٥.
(٣) تفسير روح البيان ٧ : ٦ و٧.
(٤) في تفسير روح البيان : خنس.
(٥) في النسخة : الفضل.
(٦) ناحبه : راهنه وخاطره.
(٧) في النسخة وتفسير روح البيان : عشرة ناقة.