أن تذكر فضائله وثوابه (١) .
وقيل : إنّ المراد من ذكر الله هو الصلاة ، لاشتمالها على الذّكر ، وإنّما كنّى عنها به للإشعار بأنّ فضلها على غيرها من العبادات لتضمّنها ذكر الله (٢) .
وقيل : إنّ المراد ذكر الله للعبد أكبر من ذكره إيّاه ، كما روي عن الباقر عليهالسلام ، قال : « ذكر الله لأهل الصلاة أكبر من ذكرهم إيّاه ، ألا ترى أنّه يقول : اذكرونى ﴿أَذْكُرْكُمْ﴾ » (٣) .
﴿وَاللهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ﴾ فيجازيكم بأفضل الجزاء وأعظم الأجر.
﴿وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا
آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (٤٦)﴾
ثمّ إنّه تعالى بعد ذمّ الشّرك والاستدلال على التوحيد ، أمر بمداراة أهل الكتاب في إرشادهم بقوله: ﴿وَلا تُجادِلُوا﴾ ولا نخاصموا ﴿أَهْلَ الْكِتابِ﴾ من اليهود والنصارى بالحجّة على صحّة دين الاسلام وصدق النبي صلىاللهعليهوآله ﴿إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ الحجج ، أو بالخصلة التي هي أحسن الخصال ، كمقابلة الخشن باللين ، والشرارة بالنّصح ، والعجلة بالتأنّي ، حتى يقربوا إلى الإيمان.
وقيل : يعني لا تجادلوهم بالسيف (٤)﴿إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ﴾ أنفسهم بالإصرار على معاندة الحقّ واللّجاج في الباطل ، فلا بأس أن تخاشنوهم في الكلام ، وتغالطوهم في القول ، وتعارضوهم بالسيف ، فانّ لين الكلام والمداراة لا ينفعهم شيئا.
ثمّ علّم سبحانه المؤمنين كيفية المداراة في الكلام معهم بقوله : ﴿وَقُولُوا﴾ أيّها المؤمنون لأهل الكتاب : نحن ﴿آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا﴾ من القرآن ﴿وَ﴾ الذي ﴿أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ﴾ من التوراة والانجيل وغيرهما من الكتب ، ولا ننكر صحّة شيء منها حتى تعاندونا ﴿وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ﴾ لا تخالفكم في اعتقاد الالوهية حتى تكفّرونا ، وإنّما كان إيماننا بالقرآن وبالنبي صلىاللهعليهوآله الذي جاءنا به لقيام الحجّة عندنا بكونهما من قبل ربّنا ﴿وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ ومنقادون ، ولا نطيع غيره من الأحبار والرّهبان ، ولا نتّخذهم أربابا.
﴿وَكَذلِكَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هؤُلاءِ
مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاَّ الْكافِرُونَ (٤٧)﴾
__________________
(١) مجمع البيان ٧ : ٤٤٧.
(٢) تفسير أبي السعود ٧ : ٤٢ ، تفسير روح البيان ٦ : ٤٧٥.
(٣) تفسير القمي ٢ : ١٥٠ ، تفسير الصافي ٤ : ١١٨.
(٤) تفسير الرازي ٢٥ : ٧٥.