المعتاد السلوك للناس ، وتتعرّضون للمادة بالفاحشة. روي أنّهم كانوا كثيرا ما يفعلونها بالغرباء ، ويجبرونهم عليها ، أو تقطعونها بالقتل وأخذ المال (١) .
قيل : كانوا يفعلون ذلك ، لأن لا يدخلوا بلدهم ، ولا يتناولوا من ثمارهم (٢) .
وقيل : يعني تقطعون سبيل النسل بالإعراض عن النساء اللّاتي هنّ حرث ، وقضاء الشهوة بالرجال الذين ليسوا بحرث (٣) .
﴿وَتَأْتُونَ﴾ وتفعلون ﴿فِي نادِيكُمُ﴾ ومجلسكم الذي تجتمعون فيه من غير مبالاة ﴿الْمُنْكَرَ﴾ وما يحكم العقول بقبحه من اللّواط أو الضّراط ، كما عن الرضا عليهالسلام ، قال : « كانوا يتضارطون في مجالسهم من غير حشمة ولا حياء » (٤) أو ضرب الأوتار والمزامير والسّخرية بمن يمرّ بهم (٥) ، أو الحذف (٦) بالحصى ، كما عن النبي صلىاللهعليهوآله.
قيل : كانوا يجلسون على الطريق ، وعند كلّ واحد قصعة فيها حصى ، فمن مرّ بهم حذفوه ، فمن أصابه منهم فهو أحقّ به ، فيأخذ ما معه وينكحه ويغرّمه ثلاثة دراهم (٧) .
﴿فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ﴾ إيّاه ﴿إِلَّا أَنْ قالُوا﴾ ما نترك عملنا ﴿ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ﴾ الذي تعدنا ﴿إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ في دعوى رسالتك ووعدك ، فلمّا يئس لوط من إيمانهم وقبولهم نصحه، ناجى ربّه و﴿قالَ﴾ متضرّعا إليه : ﴿رَبِّ انْصُرْنِي﴾ بإنزال العذاب ﴿عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ﴾ في الأرض بأعمالهم وعقائدهم ، وأنت لا تحبّ الفساد. فاستجاب الله دعاءه ، فأرسل جبرئيل مع عدّة من الملائكة لإهلاكهم ، وأمرهم بأن يجيئوا إلى إبراهيم عليهالسلام ويبشّره بإسحاق.
﴿وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا﴾ له في تضاعيف كلامهم : ﴿إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ﴾ التي يقال لها سدوم ﴿إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِينَ﴾ على أنفسهم بالكفر والطغيان. ﴿قالَ﴾ إبراهيم إشفاقا على الخلق ومجادلة عنهم : ﴿إِنَّ فِيها لُوطاً﴾ ولا يعذّب أهل بلد وفيهم مؤمن ، فكيف تهلكون أهل سدوم ؟ ﴿قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ﴾ من كلّ أحد ﴿بِمَنْ فِيها﴾ ولسنا بغافلين عن لوط ، والله ﴿لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ﴾ وأتباعه المؤمنين ، ولنخرجنّهم منها ﴿إِلَّا امْرَأَتَهُ﴾ الكافرة ، فانّها ﴿كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ﴾ والباقين في القرية والعذاب ﴿وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا﴾ المذكورون بعد مفارقة إبراهيم عليهالسلام ﴿لُوطاً﴾ في قرية سدوم على صورة شبّان مرد حسان الوجوه ، عليهم ثياب حسنة
__________________
(١-٣) تفسير روح البيان ٦ : ٤٦٥.
(٤) مجمع البيان ٨ : ٤٤٠ ، تفسير الصافي ٤ : ١١٦.
(٥) تفسير روح البيان ٦ : ٤٦٥.
(٦) عوالي اللآلي ١ : ٣٢٧ / ٧٢ ، تفسير الصافي ٤ : ١١٦.
(٧) تفسير روح البيان ٦ : ٤٦٥.