من إسماعيل ، وهو محمد ، فجمع فيه ما كان في جميع الأنبياء ، وختم به النبوة ، وأرسله إلى كافّة الناس إلى يوم القيامة (١) .
وقيل : إنّ من أجره بقاء ضيافته حيث إنّه كان يحبّ الضيافة ، فجعل الله الخلق أضيافه إلى آخر الدهر (٢) .
﴿وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ والراقين في أعلى مراتب العبودية ، وأكمل درجات الإنسانية.
﴿وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ
الْعالَمِينَ * أَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ
الْمُنْكَرَ فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ
الصَّادِقِينَ * قالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ * وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا
إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِينَ *
قالَ إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ
الْغابِرِينَ * وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالُوا لا
تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ (٢٨) و (٣٣)﴾
ثمّ ذكر سبحانه قصّة لوط وكيفية دعوته ونصحه لقومه وجوابهم إيّاه بقوله : ﴿وَلُوطاً﴾ قيل : إنّه معطوف على ﴿أَرْسَلْنا﴾(٣) . وقيل : إنّ التقدير واذكر يا محمد لوطا ﴿إِذْ قالَ﴾ نصحا ﴿لِقَوْمِهِ﴾ وانكارا عليهم القبائح الدائرة بينهم بعد دعوتهم إلى التوحيد : يا قوم ﴿إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ﴾ وترتكبون الخصلة ﴿الْفاحِشَةَ﴾ والفعلة المتناهية في القبح مع أنّها لنهاية قبحها ﴿ما سَبَقَكُمْ بِها﴾ وما أرتكبها من قبلكم ﴿مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ﴾ وأنتم ارتكبتموها لخباثة طينتكم ورذالة طبيعتكم.
قيل : لم ينز ذكر على ذكر قبل قوم لوط قطّ (٤) .
وقيل : إنّ المراد من سبقهم على أهل العالم فيها إكثارهم منها ، كما يقال سبق فلان البخلاء في البخل إذا زاد عليهم (٥) .
ثمّ بيّن الفاحشة بقوله : ﴿أَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ﴾ وتنكحونهم ﴿وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ﴾ والطريق
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٥ : ٥٧.
(٢) تفسير روح البيان ٦ : ٤٦٤.
(٣) مجمع البيان ٨ : ٤٤٠.
(٤) تفسير روح البيان ٦ : ٤٦٤.
(٥) تفسير الرازي ٢٥ : ٥٨.