التي تشتغلون بها في حوائجكم الدنيوية والاخروية ﴿وَمَثْواكُمْ﴾ ومنزل إقامتكم في الآخرة ، فلا يأمركم إلّا بما فيه خيركم وصلاحكم في الدنيا والآخرة ، فبادروا إلى امتثال ما أمركم به ، فانّه المهمّ لكم في المقامين.
عن الصادق عليهالسلام ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « الاستغفار ، وقول لا إله إلّا الله خير العبادة ، قال العزيز الجبار : ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ﴾ » (١) .
﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا
الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ
الْمَوْتِ فَأَوْلى لَهُمْ * طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكانَ
خَيْراً لَهُمْ * فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا
أَرْحامَكُمْ (٢٠) و (٢٢)﴾
ثمّ إنّه تعالى بعد بيان التباين بين المؤمنين والمنافقين في فهم كلمات الرسول والاتّعاظ بها والاستفادة منها ، بيّن الفرق بينهم في الأخذ بما يوحي إليه من التكاليف العملية بقوله : ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ عن صميم القلب اشتياقا إلى الوحي ، وحرصا على الجهاد الذي فيه شرف الدنيا والآخرة : ﴿لَوْ لا نُزِّلَتْ﴾ وهلّا جاءت من جانب الله ﴿سُورَةٌ﴾ فيها الأمر بجهاد الكفّار حتى نمتثله ونفدي نفوسنا في سبيل الله ؟ ﴿فَإِذا أُنْزِلَتْ﴾ من جانب الله ﴿سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ﴾ واضحة الدلالة على ما فيها ﴿وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ﴾ وأمر الله به ، رأيت المؤمنين يفرحون ويستبشرون بها شوقا إلى الشهادة ولقاء الله و﴿رَأَيْتَ﴾ المنافقين ﴿الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ الشكّ والنفاق وحبّ الحياة الدنيا وزخارفها ﴿يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ﴾ من شدّة الجبن ﴿نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ﴾ ومن سلب شعوره وقواه ﴿مِنَ﴾ جهة عروض ﴿الْمَوْتِ﴾ عليه ، أو من خوف الموت ﴿فَأَوْلى﴾ وأحقّ ﴿لَهُمْ﴾ الموت الذي لا فرار منه ؛ لأنّ الموت خير من الحياة التي ليست في طاعة الله ورسوله.
وقيل : إنّ ( أولى لهم ) دعاء عليهم بأن يليهم المكروه (٢) . وقيل : إنّه بمعنى فويل لهم (٣) . وقيل : إنّ المعنى الطاعة أولى لهم (٤) ، كما قال سبحانه : ﴿طاعَةٌ﴾ خالصة ﴿وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ﴾ مستحسن عند العقلاء ، خير لهم وأحسن.
__________________
(١) الكافي ٢ : ٣٦٦ / ٦ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٧.
(٢) تفسير روح البيان ٨ : ٥١٦.
(٣) تفسير الرازي ٢٨ : ٦٢ ، تفسير روح البيان ٨ : ٥١٦.
(٤) تفسير الرازي ٢٨ : ٦٢.