التغيير والتبديل والزيادة والنقصان على ما عليه مما كتبه القلم الأعلى ؟ (١)
وعن الصادق عليهالسلام أنّه سئل عن نون ﴿وَالْقَلَمِ﴾ قال : « إنّ الله خلق القلم من شجرة في الجنة ، يقال لها الخلد ، ثمّ قال لنهر في الجنة : كن مدادا ، فجمد النهر ، وكان أشدّ بياضا من الثلج ، وأحلى من الشهّد ، ثمّ قال للقلم : اكتب ، قال : يا رب ، ما أكتب ؟ قال عزوجل : اكتب ما كان وما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة ، فكتب القلم في ورق أشدّ بياضا من الفضّة ، وأصفى من الياقوت ، ثمّ طواه فجعله في ركن العرش ، ثمّ ختم على فم القلم ، فلم ينطق ولا ينطق أبدا ، فهو الكتاب المكنون الذي منه النّسخ كلّها ، أو لستم عربا فكيف لا تعرفون معنى الكلام ، وأحدكم يقول لصاحبه : انسخ ذلك الكتاب ، أو ليس إنّما ينسخ من كتاب آخر من الأصل ، وهو قوله : ﴿إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ » (٢) .
وفي حديث ذكر فيه الملكين الموكّلين بالعبد ، قال : « إنّهما إذا أرادا النزول صباحا ومساء ، ينسخ لهما إسرافيل عمل العبد من اللّوح المحفوظ ، فيعطيهما ذلك ، فاذا صعدا صباحا ومساء بديوان العبد ، قابله إسرافيل بالنّسخ التي استنسخ لهما حتى يظهر أنّه كان كما نسخ منه » (٣) .
قيل : إلزام الحجّة على العبد يوم القيامة بشهود الملائكة صدور الطاعة أو العصيان من العبد في وقته المخصوص وكتابتهم أعمالهم (٤) .
وقيل : إنّ الحفظة يكتبون جميع أعمال العبيد ، ثمّ يقابلونها بما في اللّوح المحفوظ ، فما فيه ثواب أو عقاب أثبت ، وما لم يكن فيه شيء منهما محي ، وذلك قوله تعالى : ﴿يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ﴾(٥).
﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذلِكَ هُوَ
الْفَوْزُ الْمُبِينُ * وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَ فَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ
وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ * وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها قُلْتُمْ ما
نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلاَّ ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ * وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما
عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ * وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ
يَوْمِكُمْ هذا وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ * ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ
اللهِ هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا (٣١) و (٣٥)﴾
__________________
(١) تفسير روح البيان ٨ : ٤٥٤.
(٢) تفسير القمي ٢ : ٣٧٩ ، تفسير الصافي ٥ : ٩.
(٣) سعد السعود : ٢٢٦ ، تفسير الصافي ٥ : ٩.
(٤) تفسير روح البيان ٨ : ٤٥٤.
(٥) تفسير روح البيان ٨ : ٤٥٤ ، والآية من سورة الرعد : ١٣ / ٣٩.