وقيل : يجثون لإظهار الخضوع والخشوع (١) .
وقيل : جاثية : يعني قائمة على اطراف الأصابع (٢) ، ليروا ما ينزل بهم.
قيل : إنّ المؤمن والكافر مشاركون في الخوف حتى يظهر المحقّ والمبطل (٣) .
وعن ابن عباس ، قال : يعني مجتمعة (٤) ، لا يخلط بعضهم بعض ، وعند ذلك ﴿كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا﴾ وصحيفة أعمالها لتقرأها ، وتكرير كلمة ( كل امة ) للاغلاظ والوعيد ، ثمّ يقال لهم : ﴿الْيَوْمَ﴾ يوم ﴿تُجْزَوْنَ﴾ فيه أيتها الامم ﴿ما كُنْتُمْ﴾ في الدنيا ﴿تَعْمَلُونَ﴾ من خير أو شرّ ، وطاعة أو عصيان.
عن النبي صلىاللهعليهوآله : « إذا كان يوم القيامة جاء الايمان والشرك فيجثيان بين يدي الربّ تعالى ، فيقول الله للايمان : أنطلق أنت وأهلك إلى الجنّة ، ويقال للشرك : انطلق أنت وأهلك إلى النار » (٥) .
ثمّ يقال للامم بعد إعطاء كلّ كتابه بيده : ﴿هذا﴾ الكتاب الذي فيه أعمالكم ﴿كِتابُنا﴾ الذي كتبه الكرام الكاتبين بأمرنا ﴿يَنْطِقُ﴾ بأعمالكم في الدنيا ، ويشهد ﴿عَلَيْكُمْ﴾ بما فعلتم وأرتكبتم مقرونا ﴿بِالْحَقِ﴾ والصدق بلا زيادة ولا نقصان ﴿إِنَّا كُنَّا﴾ في الدنيا الدنيّة ﴿نَسْتَنْسِخُ﴾ ونستكتب بتوسّط الملائكة ﴿ما كُنْتُمْ﴾ في مدّة أعماركم ﴿تَعْمَلُونَ﴾ من الحسنات والسيئات صغيرة وكبيرة.
قيل : ما من صباح ومساء إلّا وينزل فيه ملك من عند إسرافيل إلى كاتب أعمال كلّ إنسان ، ينسخ عمله الذي يعمله في يومه وليلته ، وما هو لاق فيهما (٦) .
عن النبي صلىاللهعليهوآله : « أول ما خلق الله القلم ، وكتب ما يكون في الدنيا من عمل معمول برّ أو فجور ، وأحصاه في الذكر ، واقرءوا ﴿إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ فهل يكون النسخ إلّا من شيء قد فرغ منه » (٧) .
وعن ابن عباس : أنّ الله وكلّ ملائكة يستنسخون من ذلك الكتاب المكتوب عنده كلّ عام في شهر رمضان ما يكون في الأرض من حدث إلى مثلها من السنة المقبلة ، فيعارضون به حفظة الله على عباده كلّ عشية خميس ، فيجدون ما رفع الحفظة موافقا لما في كتابهم ذلك ليس فيه زيادة ولا نقصان ، فإذا أفنى الورق ممّا قدّر وانقطع الأمر وانقضى الأجل ، أتت الحفظة الخزنة ، وقالوا : ما نجد لصاحبكم عندنا شيئا ، فيرجع الحفظة فيجدونه قد مات.
ثمّ قال ابن عباس : أ لستم قوما عربا ؟ هل يكون الاستنساخ إلّا من أصل وهو اللّوح المحفوظ من
__________________
(١) تفسير الجامع ١٦ : ١٧٤.
(٢) تفسير روح البيان ٨ : ٤٥٣.
(٣و٤) تفسير الرازي ٢٧ : ٢٧٢ ، تفسير روح البيان ٨ : ٤٥٣.
(٥) تفسير روح البيان ٨ : ٤٥٤.
(٦) تفسير روح البيان ٨ : ٤٥٤.
(٧) تفسير روح البيان ٨ : ٤٥٤.