وعن الباقر عليهالسلام - في حديث ذكر فيه حوت يونس - قال : « فطاف به البحار السبعة حتى صار إلى البحر المسجور ، وبه يعذّب قارون ، فسمع قارون دويّا ، فسأل الملك عن ذلك ، فأخبره أنّه يونس ، وأنّ الله حبسه في بطن الحوت ، فقال له قارون : تأذن لي أن اكلّمك ؟ فأذن له ، فسأله عن موسى ، فأخبره أنّه مات فبكى ثمّ سأله عن هارون ، فأخبره أنّه مات فبكى وجزع جزعا شديدا ، ثمّ سأله عن اخته كلثم ، وكانت مسمّاة له ، فأخبره أنّها ماتت ، فبكى وجزع جزعا شديدا ، فأوحى الله إلى الملك الموكّل به أن ارفع عنه العذاب بقيّة أيام الدنيا لرقّته على قرابته » (١) .
أقول : في الروايات إشكالات ، والذي يهوّن الخطب أنّها أخبار آحاد لا تزيد علما ولا عملا.
﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً
وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (٨٣)﴾
ثمّ بشّر سبحانه المتقّين بالعاقبة المحمودة معظّما لأمر الآخرة وثوابها بقوله : ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ﴾ التي سمعت خبرها ، وبلغك وصفها دار ﴿نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا﴾ وارتفاع مقام وغلبة وسلطانا ﴿فِي الْأَرْضِ﴾ كما أراد فرعون وقارون ﴿وَلا فَساداً﴾ بالظلم والعدوان على الناس كما أراداه ﴿وَالْعاقِبَةُ﴾ المحمودة من الجنّة ونعيمها ﴿لِلْمُتَّقِينَ﴾ والمحترزين عن العلوّ والفساد وما لا يرضاه الله.
روى بعض العامة عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه كان يمشي في الأسواق وهو وال يرشد الضالّ ، ويعين الضعيف ، ويمرّ بالبياع والبقّال ، فيفتح عليه القرآن ويقرأ هذه الآية ، ويقول : « نزلت في أهل العدل والتواضع من الولاة وأهل المقدرة من سائر الناس » (٢) .
وعنه بطرقهم : « أنّ الرجل ليعجبه أن يكون شراك » (٣) نعله أجود من شراك نعل صاحبه ، فيدخل تحتها (٤) .
وعن الصادق عليهالسلام : « العلوّ : الشّرف ، والفساد : النساء » (٥) .
وعنه عليهالسلام أنه قال لحفص بن غياث : « يا حفص ، ما منزلة الدنيا من نفسي إلّا منزلة الميتة ، إذا
__________________
(١) تفسير العياشي ٢ : ٢٩٥ / ١٩٨١ ، تفسير الصافي ٤ : ١٠٦.
(٢) مجمع البيان ٧ : ٤٢٠ ، تفسير الصافي ٤ : ١٠٦ ، تفسير روح البيان ٦ : ٤٣٨.
(٣) الشّراك : سير النعل على ظهر القدم.
(٤) مجمع البيان ٧ : ٤٢٠ ، تفسير الصافي ٤ : ١٠٦ ، تفسير الرازي ٢٥ : ٢٠ ، تفسير روح البيان ٦ : ٤٣٨.
(٥) تفسير القمي ٢ : ١٤٧ ، تفسير الصافي ٤ : ١٠٦.