عن ابن عباس : يطاف بسبعين ألف صحفة من ذهب ، في كلّ صحفة سبعون ألف لون ، كلّ لون له طعم غير طعم الألوان الاخر ، هذا لأسفل درجة ، وأما الأعلى فيوتى بسبعمائة الف صحفة (١) .
وفي الحديث : « أنّ أدنى أهل الجنة منزلة من له سبع درجات ، وهو على السادسة ، وفوقها السابعة ، وإنّ له ثلاثمائة خادم ، وإنه يغدى عليه ويراح في كلّ يوم بثلاثمائة صحفة ، في كلّ صحفة لون من الطعام ليس في الأخرى ، وإنّه ليلذّ أوله كما يلذّ آخره ، وإن له من الأشربة ثلاثمائة إناء ، في كلّ إناء شراب ليس في الآخر ، وإنّه ليلذّ أوله كما يلذّ آخره ، وإنّه ليقول : يا ربّ ، لو أذنت لي لأطعمت أهل الجنّة وسقيتهم ، ولم ينقص ذلك ما عندي شيئا ، وإن له من الحور العين ثنتين وسبعون زوجة سوى أزواجه من الدنيا » (٢) .
﴿وَ﴾ لكم يا أهل الجنّة ﴿فِيها﴾ بتفضل الله ﴿ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ﴾ من أنواع المشتهيات كالمطاعم والمشارب والمناكح والملابس ونحوها ﴿وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ﴾ بمشاهدته ﴿وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ﴾ ودائمون لا تموتون ، ولا منها تخرجون.
عن القائم عجّل الله فرجه : أنّه سئل عن أهل الجنّة ، هل يتوالدون إذا دخلوها؟
فأجاب : « أنّ الجنة لا حمل فيها للنساء ولا ولادة ، ولا طمث ولا نفاس ، ولا شقاء بالطفولية ، وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذّ الأعين ، كما قال الله ، فاذا اشتهى المؤمن ولدا خلقه الله بغير حمل ولا ولادة على الصورة التي يريد ، كما خلق آدم عبرة » (٣) .
﴿وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * لَكُمْ فِيها فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْها
تَأْكُلُونَ * إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ * لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ
مُبْلِسُونَ * وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ (٧٢) و (٧٦)﴾
ثمّ قرّر سبحانه خلودهم فيها بقوله : ﴿وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها﴾ وملكتموها ملك الوارث عن مورّثه ﴿بِما كُنْتُمْ﴾ في الدنيا ﴿تَعْمَلُونَ﴾ من الأعمال الصالحة و ﴿لَكُمْ﴾ سوى الطعام والشراب ﴿فِيها فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ﴾ بحسب الأنواع والأصناف ، وافر كل صنف ﴿مِنْها تَأْكُلُونَ﴾.
ثمّ لمّا ذكر سبحانه حسن حال المتّقين في الآخرة من حيث المطعم والمشرب والمسكن وسائر اللذائذ وخلودهم فيها ، بيّن سوء حال المشركين والطّغاة في الآخرة بقوله : ﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ﴾
__________________
(١) تفسير روح البيان ٨ : ٣٩٠.
(٢) تفسير روح البيان ٨ : ٣٩١.
(٣) الاحتجاج : ٤٨٨ ، تفسير الصافي ٤ : ٣٩٩.