وفي رواية اخرى : « يقول الله تعالى : المتحابّون فيّ [ أي في الله ] بجلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء » (١) .
وعن ابن عباس : يقول أحبّ لله ، وأبغض لله ، ووال لله ، وعاد لله ، فانّه ينال ما عند الله بهذا ، ولن ينفع أحدا كثرة صومه وصلاته وحجّه حتى يكون هكذا ، وقد صار الناس اليوم يحبّون ويبغضون للدنيا ، ولن ينفع ذلك أهله ، ثمّ قرأ الآية (٢).
في فضيلة مؤاخاة المتّقين
وعن الصادق عليهالسلام : « واطلب مؤاخاة الأتقياء ، ولو في ظلمات الأرض ، وإن أفنيت عمرك في طلبهم ، فانّ الله عزوجل لم يخلق أفضل منهم على وجه الأرض بعد النبيين ، وما أنعم الله على عبد بمثل ما أنعم به من التوفيق لصحبتهم ، قال الله تعالى : ﴿الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ﴾ » (٣) .
﴿يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا
مُسْلِمِينَ * ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ
مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها
خالِدُونَ (٦٨) و (٧١)﴾
ثمّ بيّن سبحانه إكرامه ولطفه بالمتّقين يوم القيامة بأن يباشر مخاطبتهم فيه بقوله : ﴿يا عِبادِ﴾ الموحّدين ﴿لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ﴾ من أهوال ﴿الْيَوْمَ﴾ وشدائده ﴿وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ﴾ على ما فاتكم من نعم الدنيا والحرمان عن الدرجات العالية في الجنّة.
ثمّ عرّف سبحانه عباده المبشرين بتلك البشارة بقوله : ﴿الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا﴾ الدالة على توحيدنا وكمال صفاتنا ﴿وَكانُوا مُسْلِمِينَ﴾ ومنقادين لأحكامنا ، مطيعين لأوامرنا ونواهينا ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ﴾ التي كنتم توعدون بها في الدنيا ﴿أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ﴾ المؤمنات حال كونكم ﴿تُحْبَرُونَ﴾ وتسرّون (٤) سرورا نظهر أثره في وجوهكم ، أو تزيّنون بثياب من سندس وإستبرق ، وأساور من ذهب وفضّة ، أو تكرمون ، فاذا دخلوا الجنة فرحين مسرورين ومكرمين ومزيّنين ﴿يُطافُ﴾ ويدار ﴿عَلَيْهِمْ﴾ بأيدي الغلمان والولدان ﴿بِصِحافٍ﴾ وقصاع واسعة مدوّرة الأفواه مصنوعة ﴿مِنْ ذَهَبٍ﴾ فيها طعامهم ﴿وَأَكْوابٍ﴾ وكوز من ذهب لا عروة لها ولا خرطوم ، فيها شرابهم ، يشربون منها حيث يشاءوا.
__________________
(١) تفسير روح البيان ٨ : ٣٨٨.
(٢) تفسير روح البيان ٨ : ٣٨٨.
(٣) مصباح الشريعة : ١٥٠ ، تفسير الصافي ٤ : ٣٩٩.
(٤) في النسخة : وتسترون.