وحزب قالوا : إنه ابن الله ، وحزب قالوا : إنّه ثالث ثلاثة ، وحزب قالوا : إنّه هو الله ، وحزب قالوا : إنّه - نعوذ بالله - ولد زنا ، وجميعهم إلّا الفرقة الاولى ظلموه ﴿فَوَيْلٌ﴾ وأسوأ الأحوال في القيامة ﴿لِلَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ وكفروا به ، وخالفوا قوله ﴿مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ﴾ عذابه ، وهو يوم القيامة ، وهؤلاء الظالمون ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ﴾ وينتظرون شيئا في ابتلائهم بالعذاب ﴿إِلَّا السَّاعَةَ﴾ والقيامة ﴿أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً﴾ وفجاءة ﴿وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ﴾ ولا يحتملون إتيانها ، لكونهم منكرين له.
قيل : ذكر إيتانها بغتة لم يكن مغنيا عن ذكر عدم شعورهم به ، لأن إتيانها بغتة يجتمع مع الشعور بوقوعه والاستعداد له (١) .
﴿الْأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ (٦٧)﴾
ثمّ ذكر سبحانه بعض أهوال الساعة بقوله : ﴿الْأَخِلَّاءُ﴾ والأصدقاء ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ وفي ذلك الوقت ﴿بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾ ومبغض ، لظهور مضارّ الخلّة ، والتحابب بينهم ﴿إِلَّا الْمُتَّقِينَ﴾ الذين كانوا منتفعين في الآخرة بخلّتهم وموادّتهم ، لكونهم في الدنيا متعاونين على البرّ والتقوى ، فتكون خلّتهم في الدنيا باقية إلى القيامة ، بل تزداد بمشاهدة آثارها من الثواب والشفاعة ورفع الدرجات.
وروى بعض العامة عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، أنّه قال في هذه الآية : « كان خليلان مؤمنان ، وخليلان كافران ، فمات أحد المؤمنين ، فقال : يا ربّ ، إنّ فلانا كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك ، ويأمرني بالخير وينهاني عن الشرّ ، ويخبرني أنّي ملاقيك ، يا ربّ فلا تضلّه بعدي ، واهده كما هديتني ، وأكرمه كما أكرمتني. فاذا مات خليله المؤمن ، يجمع بينهما ، فيقول كلّ واحد منهما لصاحبه : نعم الأخ ونعم الصاحب ، فيثني عليه خيرا.
قال ويموت أحد الكافرين فيقول : إنّ فلانا كان ينهاني عن طاعتك وطاعة رسولك ، ويأمرني بالشرّ ، وينهاني عن الخير ، ويخبرني أنّي غير ملاقيك ، فلا تهده بعدي وأضلله كما أضللتني ، وأهنه كما أهنتني ، فاذا مات خليله الكافر جمع بينهما ، فيقول كلّ واحد منهما لصاحبه : بئس الأخ وبئس الخليل ، فيثني عليه شرّا » (٢) .
وفي الحديث : « أنّ الله يقول يوم القيامة : أين المتحابّون بجلالي ، اليوم أظلّهم في ظلّي يوم لا ظلّ إلّا ظلّي » (٣) .
__________________
(١) تفسير روح البيان ٨ : ٣٨٦.
(٢) تفسير روح البيان ٨ : ٣٨٨.
(٣) تفسير روح البيان ٨ : ٣٨٨.