فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « إن فيك شبها من عيسى ابن مريم ، لو لا أن تقول فيك طوائف ما قالت النصارى في عيسى ابن مريم ، لقلت فيك قولا لا تمر بملأ من الناس إلا أخذوا التراب من تحت قدميك ، يلتمسون بذلك البركة » قال : فغضب الأعرابيان والمغيرة بن شعبة وعدة من قريش معهم ، فقالوا : ما رضي أن يضرب لا بن عمه إلا عيسى ، فأنزل الله على نبيه : ﴿وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً﴾ إلى قوله : ﴿لَجَعَلْنا مِنْكُمْ﴾ أي من بني هاشم ﴿مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ﴾(١) .
وقيل : إن الله تعالى بعد حكاية جدال القوم مع الرسول صلىاللهعليهوآله هددهم وقال : لو نشاء لأهلكناكم وجعلنا بدلا منكم ملائكة يسكنون الأرض بعدكم ويعمرونها ويعبدونني (٢) .
﴿وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ * وَلا
يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦١) و (٦٢)﴾
ثم بين سبحانه خصيصة عيسى عليهالسلام بقوله : ﴿وَإِنَّهُ﴾ عليهالسلام بنزوله من السماء ﴿لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ﴾ وعلامة لقربها ، وشرط من أشراطها ﴿فَلا تَمْتَرُنَّ بِها﴾ أيها الناس ، ولا تشكن فيها ، ولا تجادلن بوقوعها لوجوب إتيانها علي ﴿وَاتَّبِعُونِ﴾ وآمنوا برسولي ، واعملوا بشريعتي ، فان ﴿هذا﴾ الاتباع الذي أدعوكم إليه ﴿صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾ وعن القمي رحمهالله في تأويله : ثم ذكر خطر أمير المؤمنين عليهالسلام بقوله : ﴿وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ﴾ وفي قوله : ﴿وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾ قال : يعني أمير المؤمنين عليهالسلام (٣) .
﴿وَلا يَصُدَّنَّكُمُ﴾ عن اتباعي ولا يمنعكم عن سلوك صراطي ﴿الشَّيْطانُ﴾ وإعلموا ﴿إِنَّهُ لَكُمْ﴾ أيها الناس ﴿عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ ومبغض ظاهر العداوة والبغض.
في الحديث العامي : « أنّ عيسى ينزل على ثنيّة بالأرض المقدّسة يقال لها أفيق أغبر » (٤) .
وفي حديث آخر : « الأنبياء أولاد علات (٥) ، وأنا أولى الناس بعيسى بن مريم ، ليس بيني وبينه نبي ، إنّه أول ما ينزل يكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويقاتل على الاسلام » (٦) .
أقول : يعني ليس بينه وبين نبينا صلىاللهعليهوآله نبيّ [ من ] اولي العزم ، لأنّه لا تخلو الأرض من حجّة.
وفي حديث آخر : « ليوشكنّ أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا يكسر الصليب » (٧) الخبر.
__________________
(١) الكافي ٨ : ٥٧ / ١٨ ، تفسير الصافي ٤ : ٣٩٧.
(٢) تفسير روح البيان ٨ : ٣٨٣.
(٣) تفسير القمي ٢ : ٢٨٦ ، تفسير الصافي ٤ : ٣٩٨.
(٤) تفسير روح البيان ٨ : ٣٨٤.
(٥) العلّة : الضرّة ، وبنو العلّات : بنو رجل واحد من امّهات شتّى ، ويريد بالحديث أن الانبياء عليهمالسلام إيمانهم واحد وشرائعهم مختلفة.
(٦) تفسير روح البيان ٨ : ٣٨٤.
(٧) تفسير روح البيان ٨ : ٣٨٤.