عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ * يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ
اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٢٨) و (٣٣)﴾
فلمّا استعاذ موسى بربّه من شرّ فرعون ، وانتشر همّه بقتل موسى ، حكى سبحانه دفعه القتل عنه ببعث رجل يردّ عنه بقوله تعالى : ﴿وَقالَ﴾ إذن ﴿رَجُلٌ﴾ كامل في صفات الرجولية ﴿مُؤْمِنٌ﴾ بالله وبموسى في نفسه ، كائن ﴿مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ وأقاربه. قيل : كان ابن عمّه ، يقال له شمعان (١) . وقيل : جبر (٢) . وقيل : حبيب وهو النجّار الذي عمل التابوت الذي وضعت فيه امّ موسى وألقته (٣) في البحر(٤) . وقيل : حزقيل (٥) بن نوحائيل (٦) . وقيل : حزقيل (٧) .
ذكر سبّاق الامم
فانّه روى بعض العامة عن النبي صلىاللهعليهوآله أنّه قال :« سبّاق الامم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين : حزقيل : مؤمن آل فرعون ، وحبيب النجّار صاحب يس،وعلي بن أبي طالب عليهالسلام،وهو أفضلهم » (٨).
وعلى أيّ حال كان ﴿يَكْتُمُ إِيمانَهُ﴾ بالله وبموسى ويستره من فرعون وقومه ، لكون قوله مقبولا عندهم ، وكان إيمانه بعد بعثه موسى ، وقيل : قبله بمائة سنة (٩).
وعن الصادق عليهالسلام : « التقية ديني ودين آبائي ، ولا دين لمن لا تقيه له ، والتقية ترس المؤمن (١٠) ، فانّ مؤمن آل فرعون لو أظهر إيمانه (١١) لقتل » (١٢).
يا قوم ﴿أَ تَقْتُلُونَ رَجُلاً﴾ لأجل ﴿أَنْ يَقُولَ﴾ أو كراهة قوله : ﴿رَبِّيَ اللهُ﴾ الذي خلقني وخلق السماوات والأرض وما بينهما لا غيره ، ﴿وَ﴾ الحال أنّه ﴿قَدْ جاءَكُمْ﴾ وأتاكم ﴿بِالْبَيِّناتِ﴾ والمعجزات الظاهرات ﴿مِنْ رَبِّكُمْ﴾ وخالقكم اللطيف بكم.
ثمّ إنّه بعد القطع بكون موسى نبيا بالبينات والمعجزات ، احتجّ على قبح قتله باحتمال الضرر في قتله بقوله : ﴿وَإِنْ يَكُ﴾ موسى ﴿كاذِباً﴾ في دعواه ﴿فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ﴾ ووبال افترائه وضرره ، لا يتعدّى إلى غيره تحتاج في دفعه إلى قتله ﴿وَإِنْ يَكُ صادِقاً﴾ فيما يدّعيه من التوحيد والوعد بالعذاب على إنكاره ومخالفة قوله ، فكذّبتموه وقصدتموه بسوء ﴿يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ﴾ به ان لم يصبكم
__________________
(١و٢) تفسير روح البيان ٨ : ١٧٦.
(٣) في النسخة : وألقاه.
(٤) تفسير روح البيان ٨ : ١٧٦.
(٥) في النسخة : خربيل.
(٦و٧) تفسير روح البيان ٨ : ١٧٦.
(٨) تفسير روح البيان ٨ : ١٧٦.
(٩) تفسير روح البيان ٨ : ١٧٦.
(١٠) في مجمع البيان وتفسير الصافي : ترس الله في الأرض.
(١١) في مجمع البيان وتفسير الصافي : الإسلام.
(١٢) مجمع البيان ٨ : ٨١٠ ، تفسير الصافي ٤ : ٣٤٠.