وشرف أهله ، وتنبيها على أنّ الله تعالى لا يكون حاضرا في العرش مشاهدا لهم ، بل هم كغيرهم مؤمنون به وممدوحون بايمانهم به ، ولو كانوا مشاهدين إيّاه لم يمدحوا بايمانهم ﴿وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ من البشر شفقة عليهم. قيل : كمال السعادة في تعظيم الله والشّفقة على خلق الله (١) .
عن الرضا عليهالسلام : « للذين آمنوا بولايتنا » (٢) .
وعن الصادق عليهالسلام : « أنّ لله ملائكة يسقطون عن ظهور شيعتنا الذنوب ، كما يسقط الريح الورق في أوان سقوطه ، وذلك قوله تعالى : ﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ﴾ » الآية (٣) .
ويقولون : ﴿رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ وأحطت بكلّ شيء ﴿رَحْمَةً وَعِلْماً﴾ قيل : يعني ملأ كلّ شيء نعمتك وعلمك (٤) ، فإذا كنت واسع الرحمة ﴿فَاغْفِرْ﴾ برحمتك ﴿لِلَّذِينَ تابُوا﴾ وندموا من الشرك والعصيان ، ﴿وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ﴾ وعملوا بدينك وأحكامك وما فيه رضاك ﴿وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ﴾ واحفظهم منه ، وهو تأكيد لطلب المغفرة التي بها النجاة من العذاب ، ويقولون بعد طلبهم النجاة من العذاب للمؤمنين ﴿رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ﴾ وبساتين إقامة ، أو بساتين اسمها جنّات عدن ﴿الَّتِي وَعَدْتَهُمْ﴾ على لسان أنبيائك على الايمان بك ﴿وَ﴾ أدخل معهم ﴿مَنْ صَلَحَ﴾ لدخول الجنة ﴿مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ﴾ ليتمّ سرورهم ، ويتضاعف ابتهاجهم ﴿إِنَّكَ أَنْتَ﴾ بالخصوص ﴿الْعَزِيزُ﴾ والقادر على إنجاز وعدك وإجابة دعاء كلّ داع ﴿الْحَكِيمُ﴾ الذي يمتنع منه خلف الوعد الذي هو من القبائح.
عن سعيد بن جبير ، قال : يدخل المؤمن الجنّة فيقول : أين أبي ، أين ولدي ، أين زوجي ؟ فيقال لهم : إنّهم لم يعملوا مثل عملك. فيقول : إنّي كنت أعمل لي ولهم ؟ فيقال : أدخلوهم الجنة (٥) .
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « إذا كان يوم القيامة نودي في أطفال المسلمين أن أخرجوا من قبوركم ، فيخرجون من قبورهم ، فينادى : أن امضوا إلى الجنّة » (٦) الخبر.
﴿وَقِهِمُ﴾ يا ربّ ﴿السَّيِّئاتِ وَ﴾ احفظهم من جميع مكاره القيامة وأهوالها ﴿مَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ﴾ وتحفظه منها ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ وفي ذلك اليوم العظيم الشديد الأهوال ﴿فَقَدْ رَحِمْتَهُ﴾ وتفضّلت عليه غاية الرحمة والتفضّل.
قيل : إنّ المراد بالسيئات المعاصي في الدنيا ، والمعنى : وقهم المعاصي في الدنيا ، ومن تقيه من
__________________
(١) تفسير روح البيان ٨ : ١٥٧.
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ٢٦٢ / ٢٢ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٣٥.
(٣) الكافي ٨ : ٣٠٤ / ٤٧٠ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٣٥.
(٤) تفسير روح البيان ٨ : ١٥٧.
(٥) تفسير روح البيان ٨ : ١٥٨.
(٦) تفسير روح البيان ٨ : ١٥٨.