المعاصي فيها فقد رحمته في الآخرة (١) . ﴿وَذلِكَ﴾ المذكور من الوقاية والرحمة ﴿هُوَ﴾ فقط ﴿الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ والظّفر بأعلى المقاصد ، أو أهمّ المطالب الذي ليس وراءه مطمع لطامع.
القمي رحمهالله ، قال في تأويل الآية : ﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ﴾ يعني رسول الله صلىاللهعليهوآله والأوصياء عليهمالسلام من بعده ، يحملون علم الله عزوجل ﴿وَمَنْ حَوْلَهُ﴾ يعني الملائكة ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا*﴾ يعني شيعة آل محمد صلىاللهعليهوآله ﴿لِلَّذِينَ تابُوا﴾ يعني من ولاية فلان وفلان وبني امية ﴿وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ﴾ أي ولاية وليّ الله ﴿وَمَنْ صَلَحَ﴾ يعني تولّى عليا عليهالسلام ، وذلك صلاحهم ﴿فَقَدْ رَحِمْتَهُ﴾ يعني يوم القيامة ﴿وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ لمن نجّاه الله من ولاية فلان وفلان (٢) .
وروى الكلينى رحمهالله : « أنّ الله تعالى أعطى النائبين ثلاث خصال ، لو اعطي كلّ خصلة منها أهل السماوات والأرض لنجوا بها » ثمّ تلا الآية (٣).
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى
الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ * قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا
فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ * ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ
تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (١٠) و (١٢)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد بيان رأفة الملائكة المقرّبين بالمؤمنين ، ودعائهم في حقّهم ، حكى سبحانه غضبهم على الكافرين ونداءهم إيّاهم بما فيه توبيخهم وتقريعهم وتهويلهم بقوله : ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ بآيات الله ورسله والدار الآخرة ﴿يُنادَوْنَ﴾ يوم القيامة بعد دخولهم في جهنّم ومقتهم وغيظهم على أنفسهم الأمّارة بالسوء ، والمنادي الملائكة الذين هم خزنة جهنّم : أيّها الكفرة والله ﴿لَمَقْتُ اللهِ﴾ وسخطه عليكم في الدنيا ﴿أَكْبَرُ﴾ وأشدّ ﴿مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾ وسخطكم عليكم في هذا اليوم ، وإنّما كان مقت الله وسخطه عليكم ﴿إِذْ تُدْعَوْنَ﴾ وحين تنادون من جهة الأنبياء ﴿إِلَى الْإِيمانِ﴾ بتوحيد الله ورسالة رسله ﴿فَتَكْفُرُونَ﴾ وتأبون من إجابتهم استكبارا عليهم واتّباعا لهوى أنفسكم.
قيل : إنّ كلمة ( إذا ) متعلّقة باذكروا المقدّر (٤) .
ثمّ حكى سبحانه عنهم الاعتراف بالذنب واستحقاقهم العذاب بقوله : ﴿قالُوا﴾ حين تقريع خزنة
__________________
(١) تفسير روح البيان ٨ : ١٥٩.
(٢) تفسير القمي ٢ : ٢٥٥ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٣٥.
(٣) الكافي ٢ : ٣١٥ / ٥ ، تفسير الصافي ٤ : ٣٣٦.
(٤) تفسير روح البيان ٨ : ١٦٠.