وعنه عليهالسلام : « إذا قام قائمنا أشرقت الأرض بنور ربّها ، واستغنى العباد عن ضوء الشمس ، وذهبته الظّلمة » (١) . ﴿وَوُضِعَ الْكِتابُ﴾ وصحائف الأعمال في أيدي الناس.
قيل : هو كناية عن الشروع في حساب أعمال الناس ، كما يضع المحاسب دفتر المحاسبة بين يديه عند الشروع في الحساب (٢) .
وقيل : إنّه اللّوح المحفوظ الذي فيه شرح أحوال عالم الدنيا إلى القيامة (٣) .
﴿وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ﴾ الذين استشهدوا نصرة للدين ، فاذا دعي النبيّون والشهداء الذين هم أفضل الناس للحساب ، فكيف يكون حال الامم.
وقيل : إنّ المراد بالشهداء الشهود على الامم من الملائكة والأولياء (٤) .
القمي : الشهداء الأئمه والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة الحجّ : ﴿لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا﴾ أنتم يا معشر الأئمّة ﴿شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ﴾(٥) .
﴿وَقُضِيَ﴾ بين الناس وحكم ﴿بَيْنَهُمْ﴾ في ذلك اليوم ﴿بِالْحَقِ﴾ والعدل ؛ ثمّ بعد إثبات العدل نفي الظلم على العباد بقوله : ﴿وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾ بنقص الثواب عمّا وعد ، وزيادة العقاب على ما أوعد.
ثمّ أكّد ذلك سبحانه بقوله : ﴿وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ﴾ من النفوس واعطيت كاملا جزاء ﴿ما عَمِلَتْ﴾ من الخير والشرّ.
ثمّ لمّا كان إيفاء الحقّ متوقّفا على العلم الكامل بأعمال العباد ومقاديرها وكيفياتها ، بيّن علمه بها مضافا إلى كونها مثبوتة في الكتاب بقوله : ﴿وَهُوَ﴾ تعالى ﴿أَعْلَمُ﴾ من غيره حتى من العامل ﴿بِما﴾ كانوا في الدنيا ﴿يَفْعَلُونَ﴾ فيمتنع منه الخطأ في الحكم.
﴿وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ
خَزَنَتُها أَ لَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ
يَوْمِكُمْ هذا قالُوا بَلى وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ * قِيلَ ادْخُلُوا
أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٧١) و (٧٢)﴾
ثمّ بيّن سبحانه ما يحكم به يوم القيامة في حقّ الكفّار والمتقّين بقوله : ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾
__________________
(١) إرشاد المفيد ٢ : ٣٨١ ، تفسير الصافي ٤ : ٣٣١.
(٢) تفسير روح البيان ٨ : ١٤٠.
(٣) تفسير الرازي ٢٧ : ٢٠.
(٤) تفسير روح البيان ٨ : ١٤٠.
(٥) تفسير القمي ٢ : ٢٥٣ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٣١.