وروى بعض العامة عن الصادق عليهالسلام :«أنّ أهل الاستثناء محمّد وأهل بيته عليهمالسلاموأهل المعرفة»(١).
أقول : هذان الخبران مبنيّان على أنّ المراد بالصّعق أعمّ من الموت والغشوة ، كما نسب ذلك إلى بعض المحققين (٢) ، فالأحياء يموتون بالنفخة ، والأرواح الذين ذاقوا الموت يغشى عليهم ، وعند ذلك يقول الله تعالى : ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ ،﴾ مع أنّه لا بعد في كون محمد وآله أهل الاستثناء ، لأنّهم بوجه هو ، كما روي أنّهم قالوا : « إنّ مع الله حالات ، نحن هو ، وهو نحن »(٣).
﴿ثُمَ﴾ بعد أربعين سنة على رواية (٤)﴿نُفِخَ فِيهِ﴾ النفخة ال ﴿أُخْرى﴾ وهي نفخة الإحياء ﴿فَإِذا هُمْ قِيامٌ﴾ وناهضون من قبورهم على أرجلهم ، أو واقفون من شدّة الحيرة في مكانهم حال كونهم ﴿يَنْظُرُونَ﴾ إلى الأطراف والجوانب كالمبهوتين ، أو إلى السماء كيف غيّرت وطويت ، إلى الأرض كيف بدّلت ، وإلى الداعي كيف يدعوهم إلى الموقف ، أو إلى الآباء والامّهات والأولاد كيف ذهبت شفقتهم واشتغلوا بأنفسهم ، أو إلى خصمائهم ما ذا يفعلون بهم.
وقيل : يعني ينتظرون ما يفعل بهم (٥) .
في بيان كيفية الصور ، والنفخ فيه ، والمدّة الكائنة بين النفختين
وعن النبي صلىاللهعليهوآله : « أنا أوّل من ينشقّ عنه القبر » (٦) .
وعن السجاد عليهالسلام أنّه سئل عن النفختين كم بينهما ؟ قال : « ما شاء الله ».
قيل : أخبرني يابن رسول الله كيف ينفخ فيه فقال : « أما النفخة الاولى » فانّ الله يأمر إسرافيل ، فيهبط إلى الدنيا ، ومعه الصّور ، وللصّور رأس واحد وطرفان ، وبين رأس كل طرف منهما إلى الآخر مثل ما بين السماء إلى الأرض ، وإذا رأت الملائكة إسرافيل قد هبط إلى الدنيا ومعه الصّور قالوا : قد أذن الله في موت أهل الأرض ، وفي موت أهل السماء.
قال : فيهبط إسرافيل بحظيرة بيت المقدس ، وهو مستقبل الكعبة ، فاذا رأوه أهل الأرض قالوا : قد أذن الله في موت أهل الأرض ، فينفخ فيه نفخة ، فيخرج الصوت من الطرف الذي يلي الأرض ، فلا يبقى في الارض ذو روح إلّا صعق ومات ، ويخرج الصوت من الطرف الذي يلي السماء ، فلا يبقى في السماوات ذو روح إلّا صعق ومات إلّا إسرافيل ، فيقول الله لإسرافيل : مت فيموت إسرافيل ، فيمكثون في ذلك ما شاء الله ، ثمّ يأمر السماوات فتمور ، ويأمر الجبال فتسير ، وهو قوله تعالى : ﴿يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً* وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً﴾(٧) .
__________________
(١) تفسير روح البيان ٨ : ١٣٨.
(٢) تفسير روح البيان ٨ : ١٣٧.
(٣) لم نعثر عليه.
(٤) تفسير الرازي ٢٧ : ١٨.
(٥و٦) تفسير روح البيان ٨ : ١٣٨.
(٧) الطور : ٥٢ / ٩ و١٠.