يد قدرته ، وتحت تصرّفه ﴿يَوْمَ الْقِيامَةِ﴾ يقلّبها مع غاية عظمتها ، كما يقلّب الانسان حصاة أو خاتما في كفّه ﴿وَالسَّماواتُ﴾ السبع مع سعتها وغاية ضخامتها ﴿مَطْوِيَّاتٌ﴾ ومدرجات وملفوفات كلفّ الثياب ﴿بِيَمِينِهِ﴾ وقدرته.
عن ابن عباس ، قال : ما السماوات السبع والأرضون السبع في يد الله إلّا كخردلة في يد أحدكم(١) .
عن الصادق عليهالسلام : « قبضته يعني ملكه ، لا يملكها معه احد ... » قال : « اليمين : اليد ، واليد : القدرة والقوة ﴿مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾ يعني بقدرته وقوته » (٢) .
ثمّ إنه تعالى بعد بيان عظمته وسلطانه وقدرته ، نزّه ذاته المقدّسة عن الشريك بقوله : ﴿سُبْحانَهُ وَتَعالى﴾ وترفّع ﴿عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ من الشركاء والأصنام.
عن ابن عباس وابن مسعود : أنّ حبرا من اليهود أتى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال : يا محمد ، أشعرت أنّ الله يضع يوم القيامة السماوات على إصبع ، والجبال على إصبع ، والأرضين على إصبع ، والماء والثرى والأشجار على إصبع ، وجميع الخلائق على إصبع ، ثمّ يهزّهنّ ويقول : أنا الملك ، وأين الملوك ؟ فضحك رسول الله تعجبّا منه ، وتصديقا له ، فانزل الله [ هذه الآية ] » (٣) .
﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شاءَ اللهُ ثُمَّ
نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ * وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَوُضِعَ
الْكِتابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ *
وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ (٦٨) و (٧٠)﴾
ثمّ بالغ سبحانه في إظهار عظمته قدرته بقوله : ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ﴾ نفخة واحدة ﴿فَصَعِقَ﴾ وفزع ومات ﴿مَنْ فِي السَّماواتِ﴾ من الملائكة ﴿وَمَنْ فِي الْأَرْضِ﴾ من الحيوانات ﴿إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ﴾ أن لا يصعق ، قيل : هم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل ، أو هم وحملة العرش ، فانّهم لا يموتون عند النفخة الاولى (٤) . وقيل : هم الحور والغلمان وخزنة الجنة والنار » (٥) .
وروي عن النبي صلىاللهعليهوآله أنّه سأل جبرئيل عن هذه الآية : « من الذين لم يشأ الله أن يصعقهم ؟ » قال : « هم الشهداء يتقلّدون أسيافهم حول العرش » (٦) .
__________________
(١) تفسير روح البيان ٨ : ١٣٥.
(٢) التوحيد : ١٦١ / ٢ ، تفسير الصافي ٤ : ٣٢٩.
(٣) تفسير الرازي ٢٧ : ١٥ ، تفسير روح البيان ٨ : ١٣٤.
(٤) تفسير أبي السعود ٧ : ٢٦٣ ، تفسير روح البيان ٨ : ١٣٧.
(٥) تفسير روح البيان ٨ : ١٣٧.
(٦) تفسير الرازي ٢٧ : ١٨ ، تفسير روح البيان ٨ : ١٣٨.