ويقال للكاذب : ثبت كذبك ، وأسوّد وجهك.
ثمّ بيّن كمال استحقاقهم الخلود في جهنّم بقوله تبارك وتعالى : ﴿أَ لَيْسَ﴾ أيّها العقلاء ﴿فِي جَهَنَّمَ﴾ يوم القيامة ﴿مَثْوىً﴾ ومأوى أبديا ﴿لِلْمُتَكَبِّرِينَ﴾ عن الايمان بالله وبرسوله وإطاعته واتّباع آياته.
عن الصادق عليهالسلام ، قال : « إن في جهنم لواد للمتكبرين يقال لها سقر ، شكا إلى الله من شدّة حرّه ، وسأله أن يتنّفس ، فأذن له فتنفّس ، فأحرق جهنّم » (١) .
اقول : على هذه الرواية يكون المراد من الآية أنّ في جهنم مثوى خاصا للمتكبرين أسوأ من مثوى غيرهم.
ثمّ إنّه تعالى بعد وعيده للمشركين وعد المتّقين من الشرك والكذب بقوله تعالى : ﴿وَيُنَجِّي اللهُ﴾ يوم القيامة المؤمنين ﴿الَّذِينَ اتَّقَوْا﴾ الشرك والكذب على الله من جهنّم وعذابها مقرونين ﴿بِمَفازَتِهِمْ﴾ ونجاحهم بأعلى المطالب وهو الجنّة ونعمها.
وقيل : إنّ باء ( بمفازة ) سببية والمعنى أنّ الله ينجّى المتقين من العذاب (٢) بسبب سعادتهم وفوزهم في الدنيا بالطاعات والخيرات.
ثمّ كأنّه قيل : كيف ينجيّهم ؟ فقال سبحانه : ﴿لا يَمَسُّهُمُ﴾ ولا يصيبهم ﴿السُّوءُ﴾ والمكروه ﴿وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ على ما فاتهم من نعم الدنيا ولا يغمّم الفزع الأكبر.
﴿اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٦٢) و (٦٣)﴾
ثمّ إنّه تعالى بعد شرح الوعد والوعيد ، بيّن كمال قدرته الدالّ على توحيده ، وعلى إنجازهما بقوله: ﴿اللهُ﴾ وحده ﴿خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ من الممكنات ﴿وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ﴾ من الموجودات ﴿وَكِيلٌ﴾ وقيّم ووليّ ، يتصرف فيه كيف يشاء ، ومتكفّل بمصالح عباده ، والكافي لهم في جميع امورهم ﴿لَهُ﴾ وحده ﴿مَقالِيدُ﴾ خزائن ﴿السَّماواتِ وَالْأَرْضِ﴾ ومفاتيحها ، لا يتصرّف فيها غيره ، ويعطي منها ما يشاء لمن يشاء.
قيل : إنّ خزائن السماوات المطر ، وخزائن الأرض النبات (٣).
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ٢٥١ ، تفسير الصافي ٤ : ٣٢٧.
(٢) تفسير أبي السعود ٧ : ٢٦١.
(٣) تفسير روح البيان ٨ : ١٣٢.