أيضا في ( كشف الغمة ) (١) عن موسى بن مردويه ، عنه. وعن الحافظ ، عن جعفر بن محمد عليهالسلام (٢) .
في الردّ على فخر الدين الرازي
أقول : يدلّ عليه قول النبي صلىاللهعليهوآله المسلم بين العامة والخاصة : « سبّاق الامم أو الصدّيقون منهم ثلاثة : مؤمن آل فرعون ، ومؤمن آل يس ، وعلي بن أبي طالب عليهالسلام ، وهو أفضلهم »(٣) مع أنّه روى أحمد بن حنبل أنّ آية ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ﴾ نزلت في علي (٤) فلا يعتنى بقول فخر الذين الرازي (٥) وبعض أصحابه من أنّه أبو بكر (٦) ، فانّه على تقدير كونه مصدّقا للرسول وكتابه ، لم يكن تصديقه قائلا (٧) للذّكر والمدح بقوله : ﴿أُولئِكَ﴾ المتّصفون بالصدق والتصديق ﴿هُمُ﴾ خاصّة ﴿الْمُتَّقُونَ﴾ الفائزون بالتقوى إلى أعلى درجة كمال الانسانية في الدنيا ، وأعلى درجات الجنة في الآخرة ﴿لَهُمْ﴾ بإزاء صدقهم وتصديقهم وتقواهم ﴿ما يَشاؤُنَ﴾ ويشتهون من النّعم الكائنة ﴿عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ ومليكهم اللطيف به ﴿ذلِكَ﴾ الجزاء المذكور ﴿جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ﴾ في عقائدهم وأعمالهم ، المجتهدين في التقوى وعبادة ربّهم ﴿لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ﴾ ويستر ﴿عَنْهُمْ﴾ يوم القيامة ﴿أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا﴾ وأقبحه ، فضلا عن السيئ والقبيح منه.
قيل : إنّ المعنى : وعدهم الله جميع ما يشاؤون من زوال المضارّ وحصول المسارّ (٨) ، ليكفّر عنهم بموجب ذلك الوعد أسوأ الذي عملوا دفعا لمضارّهم ﴿وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ﴾ ويعطيهم ثوابهم ﴿بِأَحْسَنِ﴾ من ﴿الَّذِي كانُوا﴾ في الدنيا ﴿يَعْمَلُونَ﴾ إعطاء لمنافعهم ومسارّهم.
﴿أَ لَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ
هادٍ * وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَ لَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ (٣٦) و (٣٧)﴾
ثمّ لمّا كان الكفّار والمشركين يخوّفون المؤمنين بالتخويفات الكثيرة ، بل روي أنّ قريشا قالت للنبي صلىاللهعليهوآله : نخاف أن تخبلك آلهتنا (٩). آمن الله رسوله والمؤمنين بقوله : ﴿أَ لَيْسَ اللهُ﴾ القادر الرؤوف ﴿بِكافٍ عَبْدَهُ﴾ محمد صلىاللهعليهوآله والمؤمنين به ، يدفع عنهم الآفات ، ويحفظهم من البليات ، كما كفى نوحا الغرق ، وإبراهيم الحرق ، بل هو كاف جميع مهماته.
ثمّ خاطب سبحانه نبيّه صلىاللهعليهوآله بقوله : ﴿وَيُخَوِّفُونَكَ﴾ يا محمد ، هؤلاء المشركون ﴿بِالَّذِينَ﴾
__________________
(١) كشف الغمة ١ : ٣١٣.
(٢) مناقب ابن شهر آشوب ٣ : ٩٢.
(٣) فضائل الصحابة لابن حنبل ٢ : ٦٢٧ / ١٠٧٢ ، و٦٥٥ / ١١١٧ ، كنز العمال ١١ / ٦٠١ / ٣٢٨٩٨.
(٤) مناقب ابن شهر آشوب ٣ : ٩٠.
(٥) تفسير الرازي ٢٦ : ٢٧٩.
(٦) تفسير الرازي ٢٦ : ٢٧٩ ، روح المعاني ٢٤ : ٣.
(٧) في النسخة : قابلة.
(٨) تفسير روح البيان ٨ : ١٠٨.
(٩) تفسير الرازي ٢٦ : ٢٨١ ، تفسير البيضاوي ٢ : ٣٢٦ ، تفسير أبي السعود ٧ : ٢٥٥.