يفهمه كلّ العرب. وقيل : يعني متلوّ في المحاريب إلى يوم القيامة بلسان
العرب مع أنّه أعجز الفصحاء والبلغاء منهم عن معارضته والإتيان بمثله ﴿غَيْرَ
ذِي عِوَجٍ﴾ وانحراف عن الحقّ واختلاف وتناقض في مطالبه ، كما قال
تعالى : ﴿وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ
لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً﴾﴿لَعَلَّهُمْ﴾ بالتدبّر فيه والتفكّر في جهات إعجازه ﴿يَتَّقُونَ﴾ ويحترزون عن الكفر والعصيان.
﴿ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ
شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيانِ
مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا
يَعْلَمُونَ * إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ
الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (٢٩)
و (٣١)﴾
ثمّ ضرب سبحانه
مثلا لتوضيح فساد مذهب المشركين وقباحة طريقتهم بقوله : ﴿ضَرَبَ
اللهُ مَثَلاً﴾ معجبا يطابق حال المشركين والموحدين ، وهو أنّه يفرض
المشرك الذي يدّعي لنفسه آلهة ﴿رَجُلاً﴾ مملوكا ﴿فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ﴾ ومنازعون في ذلك العبد المملوك يتجاذبونه ويتعاورونه في
مهماتهم المتباينة ، فانّ هذا العبد يكون متحيّرا متفرّق البال ومتوزّع القلب ﴿وَ﴾ نفرض الموحّد الذي يعتقد أنّ إلهه واحد ﴿رَجُلاً
سَلَماً﴾ وخالصا ﴿لِرَجُلٍ﴾ واحد لا سبيل لغيره عليه أصلا ﴿هَلْ﴾ العبدان ﴿يَسْتَوِيانِ﴾ ويتماثلان ﴿مَثَلاً﴾ وحالا ؟ لا يستويان البتة ، بل الأول في غاية التحيّر ،
والثاني في غاية الاطمئنان والراحة ، فعلى المؤمنين أن يقولوا : ﴿الْحَمْدُ
لِلَّهِ﴾ على إظهاره الحجّة على المشركين وقطع خصومتهم ﴿بَلْ
أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾ ذلك مع غاية ظهوره.
عن أمير
المؤمنين قال : « إني مخصوص في القرآن بأسماء ، احذروا أن تغلبوا عليها فتضلّوا
فيّ ، أنّا السّلم لرسول الله صلىاللهعليهوآله يقول الله تعالى : ﴿وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ﴾
» .
وعنه عليهالسلام قال : « أنا ذلك الرجل السّلم لرسول الله صلىاللهعليهوآله».
وعن الباقر عليهالسلام : « الرجل السّلم للرجل حقّا عليّ عليهالسلام وشيعته » .
وعنه عليهالسلام : « أمّا الذي فيه شركاء متشاكسون ، فلان الأول ، يجمع
المتفرقون ولايته ، وهم في ذلك يلعن بعضهم بعضا ، ويبرأ بعضهم من بعض،وأمّا رجل
سلم لرجل فانّه فلان الثاني حقّا وشيعته ».
أقول
: المراد من
فلان الأول أبو بكر ، ومن فلان الثاني أمير المؤمنين عليهالسلام ، وتخالف أصحاب أبي
__________________