ينتظرون ما يفعل بهم ﴿وَقالُوا﴾ حين رأوا أنّهم مبعوثون تحسّرا وندامة : ﴿يا وَيْلَنا﴾ ويا هلاكنا احضر ، فهذا أوان حضورك ﴿هذا﴾ اليوم ﴿يَوْمُ الدِّينِ﴾ ووقت الجزاء على الأعمال ، والعقوبة على السيئات.
فيقول الله أو الملائكة ، أو يقول بعضهم لبعض توبيخا وتقريعا : ﴿هذا﴾ اليوم ﴿يَوْمُ الْفَصْلِ﴾ والقضاء بما تستحقّون من الثواب أو العقاب ، أو يوم الفرق بين المؤمنين والمهتدين والكافرين والضالين ، وهو اليوم ﴿الَّذِي كُنْتُمْ﴾ في الدنيا ﴿بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾ وتقولون : لا بعث ولا حساب ولا عقاب.
فيقول الله للملائكة : ﴿احْشُرُوا﴾ واجمعوا ﴿الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ على الله بكفرانهم نعمه وتضييعهم حقّه ، وعلى أنفسهم بتعريضها للعقاب الدائم والهلاك الأبد ، ﴿وَ﴾ أحشروا ﴿أَزْواجَهُمْ﴾ وأشباههم من أهل الشّرك والكفر والنفاق والعصيان ، أو قرناءهم من الشياطين أو نساءهم اللّاتي كنّ على دينهم ﴿وَ﴾ احشروا ﴿ما كانُوا يَعْبُدُونَ* مِنْ دُونِ اللهِ﴾ من الأصنام وغيرها معهم لازدياد حسرتهم وتخجيلهم ، أو الشياطين الذين زيّنوا لهم الكفر ﴿فَاهْدُوهُمْ﴾ وسوقوهم ، أو أرشدوهم ﴿إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ﴾ والطريق المستقيم إليها ، وفيه تهكّم بهم.
قيل : إنّ كلّ ظالم يحشر مع من كان معينا له وموافقا له ، فاليهود مع اليهود ، والنصارى مع النصارى ، والمجوس مع المجوس ، وشارب الخمر مع شارب الخمر ، والزاني مع الزاني (١) ، وهكذا كلّ من كان على عقيدته.
﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ * ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ * بَلْ هُمُ الْيَوْمَ
مُسْتَسْلِمُونَ (٢٤) و (٢٦)﴾
ثمّ لمّا ساق الملائكة المجرمين إلى جهنّم نادى الله : يا ملائكة العذاب الذين يسوقون الكفار إلى جهنّم ، احبسوهم ﴿وَقِفُوهُمْ﴾ على الصراط ، أو على شفير جهنّم.
ثمّ بيّن سبحانه علّة توقيفهم بقوله : ﴿إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ﴾ عن أعمالهم وعقائدهم في الدنيا سؤال توبيخ وتقريع.
وقيل : يسألهم خزنة جهنّم هناك ويقولون : ﴿أَ لَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ﴾ بالبينات ؟ فيقولون ﴿بَلى
__________________
(١) تفسير روح البيان ٧ : ٤٥٣.